اسْمُ اللهِ كَثِيراً وَلَيَنْصُرَنَّ اللهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ) (٤٠)
روي أن هذه الآية نزلت بسبب المؤمنين لما كثروا بمكة وآذاهم الكفار وهاجر من هاجر إلى أرض الحبشة أراد بعض مؤمني مكة أن يقتل من أمكنه من الكفار ويغتال ويغدر فنزلت هذه الآية إلى قوله (كَفُورٍ) ، ووكد فيها بالمدافعة ونهى أفصح نهي عن الخيانة والغدر ، وقرأ نافع والحسن وأبو جعفر «يدافع» «ولو لا دفاع» ، وقرأ أبو عمرو وابن كثير «يدفع» «ولو لا دفع» ، وقرأ عاصم وابن عامر وحمزة والكسائي «يدافع» «ولو لا دفع» ، قال أبو علي أجريت «دافع» في هذه القراءة مجرى «دفع» كعاقبت اللص وطابقت النعل فجاء المصدر دفعا ، قال أبو الحسن والأخفش : أكثر الكلام أن الله «يدفع» ويقولون دافع الله عنك إلا أن دفع أكثر.
قال القاضي أبو محمد : فحسن في الآية (يُدافِعُ) لأنه قد عن للمؤمنين من يدفعهم ويؤذيهم فتجيء معارضته ودفعه مدافعة عنهم ، وحكى الزهراوي أن دفاعا مصدر دفع كحسبت حسابا ، ثم أذن الله تعالى في قتال المؤمنين لمن قاتلهم من الكفار بقوله (أُذِنَ) وصورة الإذن مختلفة بحسب القراءات فبعضها أقوى من بعض ، فقرأ نافع وحفص عن عاصم «أذن» بضم الألف «يقاتلون» بفتح التاء ، أي في أن يقاتلهم فالإذن في هذه القراءة ظاهر أنه في مجازات ، وقرأ أبو عمرو وأبو بكر عن عاصم والحسن والزهري «أذن» بفتح الألف «يقاتلون» بكسر التاء ، فالإذن في هذه القراءة في ابتداء القتال ، وقرأ ابن كثير وحمزة والكسائي «أذن» بفتح الألف «يقاتلون» بكسر التاء ، وقرأ ابن عامر بفتح الألف والتاء جميعا ، وهي في مصحف ابن مسعود «أذن للذين يقاتلون في سبيل الله» بكسر التاء ، وفي مصحف أبي «أذن» بضم الهمزة «للذين قاتلوا» ، وكذلك قرأ طلحة والأعمش إلا أنهما فتحا همزة «أذن» وقوله (بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا) معناه كان الإذن بسبب أنهم ظلموا ، قال ابن جريج : وهذه الآية أول ما نقض الموادعة ، قال ابن عباس وابن جبير : نزلت عند هجرة النبي صلىاللهعليهوسلم إلى المدينة ، وقال أبو بكر الصديق لما سمعتها علمت أنه سيكون قتال ، وقال مجاهد الآية في مؤمنين بمكة أرادوا الهجرة إلى المدينة فمنعوا وما بعد هذا في الآية يرد هذا القول لأن هؤلاء منعوا الخروج لا أخرجوا ، ثم وعد تعالى بالنصر في قوله (وَإِنَّ اللهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ) ، وقوله (الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍ) يريد كل من نبت به مكة وآذاه أهلها حتى أخرجوا بإذايتهم طائفة إلى الحبشة وطائفة إلى المدينة ، ونسب الإخراج إلى الكفار لأن الكلام في معرض تقرير الذنب وإلزامه ، وقوله (إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللهُ) استثناء منقطع ليس من الأول هذا قول سيبويه ولا يجوز عنده فيه البدل وجوزه أبو إسحاق ، والأول أصوب ، وقوله (وَلَوْ لا دَفْعُ اللهِ) الآية تقوية للأمر بالقتال وذكر الحجة بالمصلحة فيه وذكر أنه متقدم في الاسم وبه صلحت الشرائع واجتمعت المتعبدات ، فكأنه قال أذن في القتال فليقاتل المؤمنون ولو لا القتال والجهاد لتغلب على الحق في كل أمة ، هذا أصوب تأويلات الآية ، ثم ما قيل بعد من مثل الدفاع تبع للجهاد ، وقال مجاهد (وَلَوْ لا دَفْعُ اللهِ) ظلم قوم بشهادات العدول ونحو هذا ، ولو لا دفع الله ظلم الظلمة بعدل الولاة ، وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : المعنى ولو لا دفع الله بأصحاب محمد الكفار عن التابعين فمن بعدهم وهذا كله فيه دفع قوم بقوم إلا أن معنى القتال أليق بما تقدم من الآية ، وقالت فرقة