وحتّى يومنا هذا.
والرسالة الماثلة بين يدي القارئ الكريم
عيّنة صادقة من تلك المناذج الفاخرة التي أشرنا إليها ، والتي أبدع يراع علم كبير
من أعلام الطائفة في تسطيرها وإعدادها ، وهو السيّد المرتضى علم الهدى عليّ بن
الحسين الموسوي رحمهالله
تعالى برحمته الواسعة ، حيث تعرض فيها إلى الكثير من المفردات الخاصة بغَيْبة
الإمام المهدي المنتظر عليهالسلام
، مجيباً من خلالها على مجمل التساؤلات المثارة في هذا الصدد ، بأُسلوب رصين ، واستدلال
متين ، أقرّ به من طالعه وتأمل في فحواه ، بل وأصبح من المراجع المهمة التي
اعتمدها أعلام الطائفة في بحوثهم ومؤلّفاتهم ، حيث أشار محقق هذه الرسالة إلى جملة
وافرة من تلك الموارد.
ولا يُعَدُّ قطعاً إطلاق هذا القول من
قبيل ما يوصم بأنّه على عواهنه ، إذا إنّ الدراسة الموضوعية لمباحث هذه الرسالة ، وموارد
النقاش التي تعرّضت لها ، وعرضها على الظروف الفكرية التي كانت سائدة آنذاك على
سطح الساحة الفكرية الإسلامية بمداخلاتها المتعدّدة ، وتشابكاتها ، المعقَّدة ، وما
رافقها من بروز جملة مختلفة من التيّارات الفكرية ، التي بدت أوضح صورها وأثقلها
في مدرستَي الأشاعرة والمعتزلة العريقتي القِدم ، كل ذلك يقطع بجلاء على عمق
المباني والأطروحات التي اعتمدها المؤلف رحمهالله
فيها.
ولا يخفى على القارئ الكريم مناهج البحث
والمناظرة التي كانت سائدة آنذاك بين أعلام ومفكري الفرق الإسلامية ، وما تستتبعه
بعدُ من تركيزٍ وإقرارٍ للأطروحات الغنيّة محلّ البحث ، ورفضٍ وإعراضٍ عمّا سقم
وقصر منها ، وحيث تدور رحاها في مجالس العلم والمذاكرة التي تكتضّ بالعلماء والمفكّرين
، فلا غرو أن يستحث كلّ طرف من المتباحثين قدارته وإمكانيّاته في إثبات مدّعاه ، ودفع
خصمه إلى الإقرار به ، وإقناع الآخرين