ورابعاً : إنّ ابن تيميّة يدّعي أنّ جميع الأحاديث في
هذا الباب كذب موضوع ، وهذا المتقوّل المعاصر يحصر روايتها بابن إسحاق ، ويدّعي اختلاف أهل الجرح والتعديل في الاحتجاج به ، فبين كلامي التابع والمتبوع اختلاف من جهتين ! ! وأمّا قول المتقوّل : « لم تثبت في كتابٍ من كتب السُنّة الصحيحة
، ولم تخرج حديثاً واحداً منها ، وإنّما جاء ذلك في كتب السير والمغازي ، من طريق محمّد بن إسحاق بن يسار ، وقد اختلف أهل الجرح والتعديل في الاحتجاج به . . . » ففيه : أوّلاً : وجود خبر المؤاخاة بين الرسول الأعظم
والإمام عليه السلام في كتب السير والمغازي يكفي للاحتجاج . . علىٰ أنّ أحداً لا يقول
ـ وليس له أنْ يقول ـ بانحصار الأحاديث الصحيحة بكتب السُنّة ، حتّىٰ الكتابين المشهورين بالصحيحين منها ، فقد ثبت في محلّه أنّ في غير الكتب المشهورة بالصحاح أحاديث صحيحة كثيرة ، وأنّه ليس كلّ ما في ما يسمّىٰ بالصحاح بصحيح . وثانياً : إنّ الأحاديث في هذه المؤاخاة كثيرة عندهم
بشهادة العلماء الثقات بينهم ؛ قال الزرقاني المالكي : « وجاءت أحاديث كثيرة في مؤاخاة النبيّ لعليّ ؛ وقد روىٰ الترمذي وحسّنه ، والحاكم وصحّحه ، عن ابن عمر ، أنّه صلّىٰ الله عليه [ وآله ] وسلّم قال لعليّ : أما ترضىٰ أنْ أكون
أخاك ؟! قال : بلىٰ . قال : أنت أخي في الدنيا
والآخرة » (١) . __________________ (١)
شرح المواهب اللدنّية ١ / ٢٧٣ .