فركب عمر بن سعد بالناس وزحف بهم ، والحسين جالسٌ أمام بيته محتبياً بسيفه ، فقال له العبّاس : يا أخي ! أتاك القوم .
فنَهَض وقال : يا عبّاس ! اركب بنفسي يا أخي أنت حتّىٰ تلقاهم فتقول لهم : ما بدا لكم ؟! وتسألهم عمّا جاء بهم .
فجاء العبّاس مع عشرين فارساً مستقبلاً لهم ، فقال لهم : ما جاء بكم وما بدا لكم ؟!
فقالوا : إنّ أمر الأمير جاءنا بكَيْت وكَيْت .
قال : فلا ترجفوا (١) حتّىٰ أرجع إليه وأعرض عليه ما ذكرتم .
فانصرف يركض حتّىٰ أخبره الخبر وترك أصحابه يخاطبون القوم ، ثمّ أقبل العبّاس يركض فقال لهم : إنّ أبا عبد الله يسألكم أن تنصرفوا هذه العشيّة حتّىٰ ينظر في هذا الأمر ، فإنّ الذي جئتم به لم يجرِ فيه المنطق (٢) ؛ فإذا أصبحنا التقينا ، فإمّا رضيناه فاستسلمنا ، وإمّا كرهناه فرددناه .
__________________
ـ لابن طلحة الشافعي ( ٥٨٢ ـ ٦٥٢ هـ ) ـ ١ / ٧٨ ، والشعر فيه هكذا :
دعاني عبيد الله من دون قومه |
|
إلىٰ خطّة فيها خرجت لحينِ |
فوالله ما أدري وإنّي لواقفٌ |
|
علىٰ خطر لا أرتضيه ومينِ |
أأترك ملك الري والري رغبة |
|
أم أرجع مطلوبا بقتل حسينِ |
وفي قتله النار التي ليس دونها |
|
حجاب وملك الري قرّة عيني |
والإربلي ـ في كشف الغمّة ٢ / ٢٧٧ ـ رواه عن ابن طلحة ، ولكن ورد فيه : أم أرجع مأثوماً بدم حسين ؛ وأيضاً ورد في بعض النسخ مكان « أأترك » : «أآخذ» .
وفي المناقب ـ لابن شهرآشوب ـ ٤ / ٩٨ :
فوالله ما أدري وإنّي لواقفٌ |
|
أفكّر في أمري علىٰ خطرينِ |
أأترك ملك الري والري مُنيتي |
|
أم أرجع مذموماً بقتل حسينِ |
وفي قتله النار التي ليس دونها |
|
حجاب وملك الري قرّة عيني |
(١) في تاريخ الطبري : لا ترجعوا ؛ والصحيح : « لا ترجفوا » ؛ الرجف : أي الفتنة .
(٢) في تاريخ الطبري ٥ / ٤١٧ : فإنّ هذا لم يجرِ بينكم وبينه فيه منطقٌ .