لو فهمتم ، وقرأ ابن عباس وأبو حيوة «خلف» وذكرها يعقوب ولم ينسبها ، وقرىء «خلف» بضم الخاء ، ويقوي قول الطبري أن لفظة «الخلاف» هي مصدر من خالف ما تظاهرت به الروايات من أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أمرهم بالنفر فعصوا وخالفوا وقعدوا مستأذنين.
وقال محمد بن كعب : قال (لا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ) رجل من بني سلمة.
وقال ابن عباس : قال رجل يا رسول الله الحر شديد فلا تنفر في الحر ، قال النقاش : وفي قراءة عبد الله «يعلمون» بدل (يَفْقَهُونَ) ، وقال ابن عباس وأبو رزين والربيع بن خثيم وقتادة وابن زيد قوله (فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلاً) إشارة إلى مدة العمر في الدنيا ، وقوله (وَلْيَبْكُوا كَثِيراً) إشارة إلى تأبيد الخلود في النار ، فجاء بلفظ الأمر ومعناه الخبر عن حالهم ، ويحتمل أن يكون صفة حالهم أي هم لما هم عليه من الخطر مع الله ، وسوء الحال بحيث ينبغي أن يكون ضحكهم قليلا وبكاؤهم من أجل ذلك كثيرا ، وهذا يقتضي أن يكون وقت الضحك والبكاء في الدنيا على نحو قوله صلىاللهعليهوسلم ، لأمته «لو تعلمون ما أعلم لبكيتم كثيرا ولضحكتم قليلا».
وروي أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، لما قال هذا الكلام أوحى الله إليه يا محمد لا تقنط عبادي ، و (جَزاءً) متعلق بالمعنى الذي تقديره (وَلْيَبْكُوا كَثِيراً) إذ هم معذبون (جَزاءً) ، وقوله : (يَكْسِبُونَ) نص في أن التكسب هو الذي يتعلق به العقاب والثواب ، وقوله : (فَإِنْ رَجَعَكَ اللهُ إِلى طائِفَةٍ مِنْهُمْ) الآية ، «رجع» يستوي مجاوزه وغير مجاوزه ، وقوله تعالى : «إن» مبينة أن النبيصلىاللهعليهوسلم ، لا يعلم بمستقبلات أمره من أجل وسواه وأيضا فيحتمل أن يموتوا هم قبل رجوعه وأمر الله عزوجل لنبيه صلىاللهعليهوسلم ، بأن يقول لهم (لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ) ، هو عقوبة لهم وإظهار لدناءة منزلتهم وسوء حالهم ، وهذا هو المقصود في قصة ثعلبة بن حاطب التي تقدمت في الامتناع من أخذ صدقته ، ولا خزي أعظم من أن يكون إنسان قد رفضه الشرع ورده كالجمل الأجرب ، وقوله : (إِلى طائِفَةٍ) يقتضي عندي أن المراد رؤوسهم والمتبوعون ، وعليها وقع التشديد بأنها لا تخرج ولا تقاتل عدوا ، وكرر معنى قتال العدو لأنه عظم الجهاد وموضع بارقة السيوف التي تحتها الجنة ، ولولا تخصيص الطائفة لكان الكلام «فإن رجعك الله إليهم» ، ويشبه أن تكون هذه الطائفة قد ختم عليها بالموافاة على النفاق ، وعينوا للنبيصلىاللهعليهوسلم ، وإلا فكيف يترتب ألا يصلي على موتاهم إن لم يعينهم الله ، وقوله : (وَماتُوا وَهُمْ فاسِقُونَ) ونص في موافاتهم ، ومما يؤيد هذا ما روي أن النبي صلىاللهعليهوسلم ، عينهم لحذيفة بن اليمان وكانت الصحابة إذا رأوا حذيفة تأخر عن الصلاة على جنازة رجل تأخروا هم عنها.
وروي عن حذيفة أنه قال يوما : بقي من المنافقين كذا وكذا ، فقال له عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنشدك الله أنا منهم؟ فقال لا ، والله ، لا أمنه منها أحدا بعدك ، وقرأ جمهور الناس «معي» بسكون الياء في الموضعين ، وقرأ عاصم فيما قال المفضل «معي» بحركة الياء في الموضعين ، وقوله (أَوَّلَ) هو الإضافة إلى وقت الاستئذان.
و «الخالفون» جميع من تخلف من نساء وصبيان وأهل عذر غلب المذكر فجمع بالياء والنون وإن كان