في قوم من قريش أرادوا قتل رسول الله صلىاللهعليهوسلم.
قال القاضي أبو محمد : وهذا لا يناسب الآية ، وقالت فرقة إن الجلاس هو الذي هم بقتل رسول الله صلىاللهعليهوسلم وهذا يشبه الآية إلا أنه غير قوي السند ، وحكى الزجّاج أن اثني عشر من المنافقين هموا بذلك فأطلع الله عليهم ، وذكر رسول الله صلىاللهعليهوسلم في إغنائهم من حيث كثرت أموالهم من الغنائم ، فرسول الله صلىاللهعليهوسلم سبب في ذلك وعلى هذا الحد قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم للأنصار «كنتم عالة فأغناكم الله بي» ، ثم فتح عزوجل لهم باب التوبة رفقا بهم ولطفا في قوله (فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُ خَيْراً لَهُمْ).
وروي أن الجلاس تاب من النفاق فقال إن الله قد ترك لي باب التوبة فاعترف وأخلص ، وحسنت توبته ، و «العذاب الأليم» اللاحق بهم في الدنيا هو المقت والخوف والهجنة عند المؤمنين.
قوله عزوجل :
(وَمِنْهُمْ مَنْ عاهَدَ اللهَ لَئِنْ آتانا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ (٧٥) فَلَمَّا آتاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ (٧٦) فَأَعْقَبَهُمْ نِفاقاً فِي قُلُوبِهِمْ إِلى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِما أَخْلَفُوا اللهَ ما وَعَدُوهُ وَبِما كانُوا يَكْذِبُونَ (٧٧) أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَنَجْواهُمْ وَأَنَّ اللهَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ)(٧٨)
هذه الآية نزلت في ثعلبة بن حاطب الأنصاري ، وقال الحسن : وفي معتب بن قشير معه ، واختصار ما ذكره الطبري وغيره من أمره أنه جاء إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال يا رسول الله ادع الله أن يجعل لي مالا فإني لو كنت ذا مال لقضيت حقوقه وفعلت فيه الخير ، فراده رسول الله صلىاللهعليهوسلم وقال : قليل تؤدي شكره خير من كثير لا تطيقه ، فعاود فقال له النبي صلىاللهعليهوسلم ألا تريد أن تكون مثل رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، ولو دعوت الله أن يسير الجبال معي ذهبا لسارت ، فأعاد عليه حتى دعا له رسول الله صلىاللهعليهوسلم بذلك ، فاتخذ غنما فنمت كما ينمو الدود حتى ضاقت به المدينة ، فتنحى عنها وكثرت غنمه ، فكان لا يصلي إلا الجمعة ثم كثرت حتى تنحى بعيدا ونجم نفاقه ، ونزل خلال ذلك فرض الزكاة على رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فبعث مصدقين بكتابه في أخذ زكاة الغنم ، فلما بلغوا ثعلبة وقرأ الكتاب قال : هذه أخت الجزية ، ثم قال لهم : دعوني حتى أرى رأيي ، فلما أتوا رسول الله صلىاللهعليهوسلم وأخبروه ، قال «ويح ثعلبة» ثلاثا ، ونزلت الآية فيه ، فحضر القصة قريب لثعلبة فخرج إليه فقال أدرك أمرك ، فقد نزل كذا وكذا ، فخرج ثعلبة حتى أتى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فرغب أن يؤدي زكاته فأعرض عنه رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وقال إن الله أمرني أن لا آخذ زكاتك ، فبقي كذلك حتى توفي رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، ثم ورد ثعلبة على أبي بكر ثم على عمر ثم على عثمان يرغب إلى كل واحد منهم أن يأخذ منه الزكاة ، فكلهم رد ذلك وأباه اقتداء برسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فبقي