والحسن ومالك وغيره : هو ابتداء العتق وعون المكاتب بما يأتي على حريته ، واختلف هل يعان بها المكاتب في أثناء نجومه بالمنع والإباحة ، واختلف على القول بإباحة ذلك إن عجز فقيل يرد ذلك من عند السيد ، وقيل يمضى لأنه كان يوم دفعه بوجه مترتب ، وقال الشافعي : معنى (وَفِي الرِّقابِ) في المكاتبين ولا يبتدأ منها عتق عبد ، وقاله الليث وإبراهيم النخعي وابن جبير ، وذلك أن هذه الأصناف إنما تعطى لمنفعة المسلمين أو لحاجة في أنفسها ، والعبد ليس له واحدة من هاتين العلتين ، والمكاتب قد صار من ذوي الحاجة وقال الزهري : سهم الرقاب نصفان ، نصف للمكاتبين ونصف يعتق منه رقاب مسلمون ممن صلى ، قال ابن حبيب : ويفدى منه أسارى المسلمين ومنع ذلك غيره ، وأما «الغارم» فهو الرجل يركبه دين في غير معصية ولا سفه ، قال العلماء : فهذا يؤدى عنه وإن كانت له عروض تقيم رمقه وتكفي عياله ، وكذلك الرجل يتحمل بحمالة في ديارات أو إصلاح بين القبائل ونحو هذا ، وهو أحد الخمسة الذين قال فيهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، ولا تحل الصدقة لغني إلا لخمسة لعامل عليها أو غاز في سبيل الله أو رجل تحمل بحمالة أو من أهديت له أو من اشتراها بماله».
قال القاضي أبو محمد : وقد سقط (الْمُؤَلَّفَةِ) من هذا الحديث ، ولا يؤدى من الصدقة دين ميت ولا يعطى منها من عليه كفارة ونحو ذلك من حقوق الله ، وإنما «الغارم» من عليه دين يسجن فيه ، وقد قيل في مذهبنا وغيره : يؤدى دين الميت من الصدقات قاله أبو ثور ، وأما (فِي سَبِيلِ اللهِ) فهو المجاهد يجوز أن يأخذ من الصدقة لينفقها في غزوه وإن كان غنيا قال ابن حبيب : ولا يعطى منها الحاج إلا أن يكون فقيرا فيعطى لفقره ، وقال ابن عباس وابن عمر وأحمد وإسحاق : يعطى منها الحاج وإن كان غنيا ، والحج سبيل الله ، ولا يعطى منها في بناء مسجد ولا قنطرة ولا شراء مصحف ونحو هذا ، وأما (ابْنِ السَّبِيلِ) فهو الرجل في السفر والغربة يعدم فإنه يعطى من الزكاة وإن كان غنيا في بلده ، وسمي المسافر ابن السبيل لملازمته السبيل كما يقال للطائر : ابن ماء لملازمته له ومنه عندي قولهم : ابن جلا وقد قيل فيه غير هذا ومنه قولهم : بنو الحرب وبنو المجد ولا يعطى بنو هاشم من الصدقة المفروضة ، قال ابن الماجشون ومطرف وأصبغ وابن حبيب : ولا من التطوع ولا يعطى مواليهم لأن مولى القوم منهم ، وقال ابن القاسم : يعطى بنو هاشم من صدقة التطوع ويعطى مواليهم من الصدقتين ، ومن سأل من الصدقة وقال إنه فقير ، فقالت فرقة يعطى دون أن يكلف بينة على فقره بخلاف حقوق الآدميين يدعي معها الفقر فإنه يكلف البينة لأنها حقوق الناس يؤخذ لها بالأحوط ، وأيضا فالناس إذا تعلقت بهم حقوق آدمي محمولون على الغنى حتى يثبت العدم ويظهر ذلك من قوله تعالى (وَإِنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ) [البقرة : ٢٨٠] أي ان وقع فيعطي هذا أن الأصل الغنى فإن وقع ذو عسرة فنظرة ، وقالت فرقة : الرجل الصحيح الذي لا يعلم فقره لا يعطى إلا أن يعلم فقره ، وأما إن ادعى أنه غارم أو مكاتب أو ابن سبيل أو في سبيل الله أو نحو ذلك مما لم يعلم منه فلا يعطى إلا ببينة قولا واحدا ، وقد قيل في الغارم : تباع عروضه وجميع ما يملك ثم يعطى بالفقر ، ويعطي الرجل قرابته الفقراء وهم أحق من غيرهم فإن كان قريبه غائبا في موضع تقصر إليه الصلاة فجاره الفقير أولى ، وإن كان في غيبة لا تقصر إليه الصلاة فقيل هو أولى من الجار الفقير ، وقيل الجار أولى ويعطي الرجل قرابته الذين لا تلزمه نفقتهم ، وتعطي المرأة زوجها ، وقال بعض الناس ما لم ينفق ذلك عليها ، ويعطي الرجل زوجته إذا كانت من الغارمين ، واختلف