فتعلق سهم من نبله بإزاره ، فخدش ساقه ، ثم برىء فانتقض به ذلك الخدش بعد إشارة جبريل ، فقتله ، وقيل إن السهم قطع أكحله ، قاله قتادة ومقسم ، وركب العاصي بغلة في حاجة فلما جاء ينزل وضع أخمصه على شبرقه فورمت قدمه فمات ، وعمي أبو زمعة ، وكان يقول : دعا علي محمد بالعمى فاستجيب له ، ودعوت عليه بأن يكون طريدا شريدا فاستجيب لي ، وتمخض رأس الأسود بن عبد يغوث قيحا فمات ، وامتلأ بطن الحارث ماء فمات حبنا.
قال القاضي أبو محمد : وفي ذكر هؤلاء وكفايتهم اختلاف بين الرواة في صفة أحوالهم ، وما جرى لهم ، جليت أصحه مختصرا طلب الإيجاز ، ثم قرر تعالى ذنبهم في الكفر واتخاذ الأصنام آلهة مع الله تعالى ، ثم توعدهم بعذاب الآخرة الذي هو أشق ، وقوله تعالى : (وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِما يَقُولُونَ) آية تأنيس للنبي عليهالسلام ، وتسلية عن أقوال المشركين وإن كانت مما يقلق ، وضيق الصدر يكون من امتلائه غيظا بما يكره الإنسان ، ثم أمره تعالى بملازمة الطاعة وأن تكون مسلاته عند الهموم ، وقوله (مِنَ السَّاجِدِينَ) يريد من المصلين ، فذكر من الصلاة حالة القرب من الله تعالى وهي السجود ، وهي أكرم حالات الصلاة وأقمنها بنيل الرحمة ، وفي الحديث كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة» فهذا منه عليهالسلام أخذ بهذه الآية ، و (الْيَقِينُ) : الموت ، بذلك فسره هنا ابن عمر ومجاهد والحسن وابن زيد ، ومنه قول النبي عليهالسلام عند موت عثمان بن مظعون : «أما هو فقد رأى اليقين» ، ويروى «فقد جاءه اليقين». وليس (الْيَقِينُ) من أسماء الموت ، وإنما العلم به يقين لا يمتري فيه عاقل ، فسماه هنا يقينا تجوزا ، أي يأتيك الأمر اليقين علمه ووقوعه وهذه الغاية معناها مدة حياتك ، ويحتمل أن يكون المعنى (حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ) في النصر الذي وعدته.