في المدفون اسم
الكنز ، ومن اللفظة قولهم رجل مكتنز الخلق أي مجتمع ، ومنه قول الراجز : [الرجز]
على شديد لحمه
كناز
|
|
بات ينزيني على
أوفاز
|
والتوعد في الكنز
إنما وقع على منع الحقوق منه ، ولذلك قال كثير من العلماء : الكنز هو المال الذي
لا تؤدى زكاته وإن كان على وجه الأرض ، وأما المدفون إذا خرجت زكاته فليس بكنز كما
قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم «كل ما أديت زكاته
فليس بكنز» ، وهذه الألفاظ مشهورة عن ابن عمر وروي هذا القول عن عكرمة والشعبي
والسدي ومالك وجمهور أهل العلم ، وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : أربعة آلاف
درهم فما دونها نفقة وما زاد عليها فهو كنز وإن أديت زكاته. وقال أبو ذر وجماعة
معه : ما فضل من مال الرجل عن حاجة نفسه فهو كنز ، وهذان القولان يقتضيان أن الذم
في حبس المال لا في منع زكاته فقط ، ولكن قال عمر بن عبد العزيز : هي منسوخة بقوله
(خُذْ
مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً) [التوبة : ١٠٣] فأتى فرض الزكاة على هذا كله.
قال القاضي أبو
محمد : كان مضمن الآية لا تجمعوا مالا فتعذبوا فنسخه التقرير الذي في قوله (خُذْ مِنْ
أَمْوالِهِمْ) [التوبة : ١٠٣].
والضمير في قوله (يُنْفِقُونَها) يجوز أن يعود على الأموال والكنوز التي يتضمنها المعنى ،
ويجوز أن يعود على الذهب والفضة هما أنواع ، وقيل عاد على الفضة واكتفي بضمير
الواحد عن ضمير الآخر إذا فهمه المعنى وهذا نحو قول الشاعر [قيس بن الخطيم] :
[المنسرح]
نحن بما عندنا
وأنت بما عن
|
|
دك راض والرأي
مختلف
|
ونحن قول حسان : [الخفيف]
إنّ شرخ الشباب
والشّعر الأس
|
|
ود ما لم يعاص
كان جنونا
|
وسيبويه يكره هذا
في الكلام ، وقد شبه كثير من المفسرين هذه الآية بقوله تعالى : (وَإِذا رَأَوْا تِجارَةً
أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَيْها) [الجمعة : ١١] وهي
لا تشبهها ، لأن «أو» قد فصلت التجارة عن اللهو وحسنت عود الضمير على أحدهما دون
الآخر ، والذهب تؤنث وتذكر والتأنيث أشهر ، وروي أن أصحاب النبي صلىاللهعليهوسلم قالوا قد ذم الله كسب الذهب والفضة ، فلو علمنا أي المال
خير حتى نكسبه ، فقال عمر : أنا أسأل لكم رسول الله صلىاللهعليهوسلم عن ذلك فسأله ، فقال «لسان ذاكر وقلب شاكر وزوجة تعين
المؤمن على دينه». وروي أن النبي صلىاللهعليهوسلم قال لما نزلت الآية «تبا للذهب تبا للفضة» ، فحينئذ أشفق
أصحابه وقالوا ما تقدم ، والفاء في قوله (فَبَشِّرْهُمْ) ، جواب كما في قوله (وَالَّذِينَ) من معنى الشرط ، وجاءت البشارة مع العذاب لما وقع التصريح
بالعذاب وذلك أن البشارة تقيد بالخير والشر فإذا أطلقت لم تحمل إلا على الخير فقط
، وقيل بل هي أبدا للخير فمتى قيدت بشر فإنما المعنى أقم لهم مقام البشارة عذابا
أليما ، وهذا نحو قول الشاعر [عمرو بن معديكرب] : [الوافر]
وخيل قد دلفت
لها بخيل
|
|
تحية بينهم ضرب
وجيع
|
وقوله تعالى (يَوْمَ يُحْمى
عَلَيْها) الآية : (يَوْمَ) ظرف والعامل فيه (أَلِيمٍ) وقرأ جمهور الناس