امرأته : راعيل ، قاله ابن إسحاق ، وقيل ربيحة ، وقيل : زليخا ، وظاهر أمر العزيز أنه كان كافرا ، ويدل على ذلك كون الصنم في بيته ـ حسبما نذكره في البرهان الذي رأى يوسف ـ وقال مجاهد : كان العزيز مسلما.
و «المثوى» مكان الإقامة ، و «الإكرام» إنما هو لذي المثوى ، ففي الكلام استعارة وقوله : (عَسى أَنْ يَنْفَعَنا) ، أي بأن يعيننا في أبواب دنيانا وغير ذلك من وجوه النفع ، وقوله : (أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً) أي نتبناه ، وكان فيما يقال لا ولد له.
ثم قال تعالى : (وَكَذلِكَ) ، أي كما وصفنا (مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ) فعلنا ذلك. و (الْأَحادِيثِ) : الرؤيا في النوم ـ قاله مجاهد ـ وقيل : أحاديث الأمم والأنبياء.
والضمير في (أَمْرِهِ) يحتمل أن يعود على يوسف ، قاله الطبري ، ويحتمل أن يعود على الله عزوجل ، قاله ابن جبير ، فيكون إخبارا منبها على قدرة الله عزوجل ليس في شأن يوسف خاصة بل عاما في كل أمر. وكذلك الاحتمال في قول الشاعر : [الطويل]
رأيت أبا بكر ـ وربك ـ غالب |
|
على أمره يبغي الخلافة بالتمر |
وأكثر الناس الذين نفي عنهم العلم هم الكفرة ، وفيهم الذين زهدوا في يوسف وغيرهم ممن جهل أمره ، وروي عن عبد الله بن مسعود أنه قال : أصح الناس فراسة ثلاثة : العزيز حين قال لامرأته : (أَكْرِمِي مَثْواهُ) ، وابنة شعيب حين قالت : «استأجره ، إن خير من استأجرت القوي الأمين» وأبو بكر حين استخلف عمر بن الخطاب.
قال القاضي أبو محمد : وفراسة العزيز إنما كانت في نفس نجابة يوسف لا أنه تفرس الذي كان كما في المثالين الآخرين ، فإن ما تفرس خرج بعينه.
و «الأشد» : استكمال القوة وتناهي البأس ، أولهما البلوغ وقد عبر عنه مالك وربيعة ببنية الإنسان ، وهما أشدان : وذكره منذر بن سعيد ، والثاني : الذي يستعمله العرب وقيل : هو من ثماني عشرة سنة إلى ستين سنة.
قال القاضي أبو محمد : وهذا قول ضعيف : وقيل : «الأشد» : بلوغ الأربعين ، وقيل : بل ستة وثلاثون. وقيل : ثلاثة وثلاثون.
قال القاضي أبو محمد : وهذا هو أظهر الأقوال ـ فيما نحسبه ـ وهو الأسبوع الخامس ، وقيل : عشرون سنة ، وهذا ضعيف. وقال الطبري : «الأشد» لا واحد له من لفظه ، وقال سيبويه : «الأشد» جمع شدة نحو نعمة وأنعم ، وقال الكسائي : «أشد» جمع شد نحو قد وأقد ، وشد النهار : معظمه وحيث تستكمل نهاريته.
وقوله : (حُكْماً) يحتمل أن يريد الحكمة والنبوءة ، وهذا على الأشد الأعلى ، ويحتمل الحكمة والعلم دون النبوءة ، وهذا أشبه إن كانت قصة المراودة بعد هذا. و (عِلْماً) يريد تأويل الأحاديث وغير ذلك. ويحتمل أن يريد بقوله : (حُكْماً) أي سلطانا في الدنيا وحكما بين الناس بالحق. وتدخل النبوة وتأويل الأحاديث وغير ذلك في قوله : (وَعِلْماً).