علينا يا رسول الله ، فنزلت هذه الآية ، ثم ملوا ملة أخرى فقالوا : لو حدثتنا يا رسول الله ، فنزلت (اللهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتاباً) [الزمر : ٢٣].
و (الْقَصَصِ) : الإخبار بما جرى من الأمور ، كأن الأنباء تتبع بالقول ، وتقتص بالأخبار كما يقتص الآخر ، وقوله : (بِما أَوْحَيْنا إِلَيْكَ) أي بوحينا. و (الْقُرْآنَ) نعت ل (هذَا) ، ويجوز فيه البدل ، وعطف البيان فيه ضعيف. و (إِنْ) هي المخففة من الثقيلة واللام في خبرها لام التأكيد ـ هذا مذهب البصريين ـ ومذهب أهل الكوفة أن (إِنْ) بمعنى ما ، واللام بمعنى إلا. والضمير في (قَبْلِهِ) للقصص العام لما في جميع القرآن منه. ومن (الْغافِلِينَ) ، أي عن معرفة هذا القصص. ومن قال : إن الضمير في (قَبْلِهِ) عائد على (الْقُرْآنَ) ، جعل من (الْغافِلِينَ) في معنى قوله تعالى : (وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدى) [الضحى : ٧] أي على طريق غير هذا الدين الذي بعثت به ، ولم يكن عليهالسلام في ضلال الكفار ولا في غفلتهم لأنه لم يشرك قط ، وإنما كان مستهديا ربه عزوجل موحدا ، والسائل عن الطريق المتخير يقع عليه في اللغة اسم ضال.
قوله عزوجل :
(إِذْ قالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ) (٤)
العامل في (إِذْ) فعل مضمر تقديره : اذكر (إِذْ) ويصح أن يعمل فيه (نَقُصُ) [يوسف : ٣] كأن المعنى : نقص عليك الحال (إِذْ) وحكى مكي أن العامل فيه (لَمِنَ الْغافِلِينَ) [يوسف : ٣] ، وهذا ضعيف.
وقرأ طلحة بن مصرف «يوسف» بالهمز وفتح السين ـ وفيه ست لغات : «يوسف» بضم الياء وسكون الواو وبفتح السين وبضمها وبكسرها وكذلك بالهمز. وقرأ الجمهور «يا أبت» بكسر التاء حذفت الياء من أبي وجعلت التاء بدلا منها ، قاله سيبويه ، وقرأ ابن عامر وحده وأبو جعفر والأعرج : «يا أبت» بفتحها ، وكان ابن كثير وابن عامر يقفان بالهاء ؛ فأما قراءة ابن عامر بفتح التاء فلها وجهان : إما أن يكون : «يا أبتا» ، ثم حذفت الألف تخفيفا وبقيت الفتحة دالة على الألف ، وإما أن يكون جاريا مجرى قولهم : يا طلحة أقبل ، رخموه ثم ردوا العلامة ولم يعتد بها بعد الترخيم ، وهذا كقولهم : اجتمعت اليمامة ثم قالوا : اجتمعت أهل اليمامة ، فردوا لفظة الأهل ولم يعتدوا بها ، وقرأ أبو جعفر والحسن وطلحة بن سليمان : «أحد عشر كوكبا» بسكون العين لتوالي الحركات ، ويظهر أن الاسمين قد جعلا واحدا.
وقيل : إنه قد رأى كواكب حقيقة والشمس والقمر فتأولها يعقوب إخوته وأبويه ، وهذا قول الجمهور ، وقيل : الإخوة والأب والخالة لأن أمه كانت ميتة ، وقيل إنما كان رأى إخوته وأبويه فعبر عنهم بالكواكب والشمس والقمر ، وهذا ضعيف ترجم به الطبري ، ثم أدخل عن قتادة والضحاك وغيرهما كلاما محتملا أن يكون كما ترجم وأن يكون مثل قول الناس ، وقال المفسرون : (الْقَمَرَ) تأويله : الأب ، و (الشَّمْسَ) تأويلها : الأم ، فانتزع بعض الناس من تقديمها وجوب بر الأم وزيادته على بر الأب ، وحكى الطبري عن