ولقد طعنت أبا عيينة طعنة |
|
جرمت فزارة بعدها أن يغضبوا |
وقرأ الجمهور «يجرمنكم» بفتح الياء ، وقرأ الأعمش وابن وثاب «يجرمنكم» بضمها ، و (شِقاقِي) معناه : مشاقتي وعداوتي ، و (أَنْ) مفعولة ب (يَجْرِمَنَّكُمْ).
وكانت قصة قوم لوط أقرب القصص عهدا بقصة قوم شعيب ، وقد يحتمل أن يريد وما منازل قوم لوط منكم ببعيد ، فكأنه قال : وما قوم لوط منكم ببعيد بالمسافة ، ويتضمن هذا القول ضرب المثل لهم بقوم لوط.
وقرأ الجمهور «مثل» بالرفع على أنه فاعل (يُصِبْكُمْ) وقرأ مجاهد والجحدري وابن أبي إسحاق «مثل» بالنصب ، وذلك على أحد وجهين : إما أن يكون «مثل» فاعلا ، وفتحة اللام فتحة بناء لما أضيف لغير متمكن ، فإن «مثل» قد يجري مجرى الظروف في هذا الباب وإن لم يكن ظرفا محضا.
وإما أن يقدر الفاعل محذوفا يقتضيه المعنى ، ويكون «مثل» منصوبا على النعت لمصدر محذوف تقديره : إصابة مثل.
وقوله (وَاسْتَغْفِرُوا) الآية ، تقدم القول في مثل هذا من ترتيب هذا الاستغفار قبل التوبة. و (وَدُودٌ) معناه : أن أفعاله ولطفه بعباده لما كانت في غاية الإحسان إليهم كانت كفعل من يتودد ويود المصنوع له.
وقوله تعالى : (قالُوا : يا شُعَيْبُ) الآية ، (نَفْقَهُ) معناه : نفهم وهذا نحو قول قريش (قُلُوبُنا فِي أَكِنَّةٍ) [فصلت : ٥] ومعنى : «ما نفقه ما تقول» أي ما نفقه صحة قولك ، وأما فقههم لفظه ومعناه فمتحصل ، وروي عن ابن جبير وشريك القاضي في قولهم : (ضَعِيفاً) أنه كان ضرير البصر أعمى ، وحكى الزهراوي : أن حمير تقول للأعمى : ضعيف ، كما يقال له : ضرير ، وقيل : كان ناحل البدن زمنه.
قال القاضي أبو محمد : وهذا كله ضعيف ولا تقوم عليه حجة بضعف بصره أو بدنه ؛ والظاهر من قولهم : (ضَعِيفاً) أنه ضعيف الانتصار والقدرة ، وأن رهطه الكفرة كانوا يراعون فيه.
و «الرهط» جماعة الرجل ، ومنه الراهطاء لأن اليربوع يعتصم به كما يفعل الرجل برهطه. و (لَرَجَمْناكَ) قيل : معناه بالحجارة ـ وهو الظاهر وقاله ابن زيد ـ وقيل معناه : (لَرَجَمْناكَ) بالسب ـ وبه فسر الطبري. وهذا أيضا تستعمله العرب. ومنه قوله تعالى : (لَأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا) [مريم: ٤٦] ، وقولهم (بِعَزِيزٍ) أي بذي منعة وعزة ومنزلة في نفوسنا.
وقوله تعالى : (قالَ يا قَوْمِ أَرَهْطِي) الآية ، «الظهري» الشيء الذي يكون وراء الظهرك ، وقد يكون الشيء وراء الظهر بوجهين : في الكلام ، إما بأن يطرح ، كما تقول : جعلت كلامي وراء ظهرك ودبر أذنك ومنه قول الفرزدق :
تميم بن زيد لا تكونن حاجتي |
|
بظهر فلا يعيى عليّ جوابها |
وإما بأن يسند إليه ويلجأ. ومن هذا قول النبي صلىاللهعليهوسلم في دعائه : «وألجأت ظهري