وقوله : (أَلا) استفتاح كلام ، و «اللعنة» الإبعاد ، و (الَّذِينَ) نعت ل (الظَّالِمِينَ) ؛ ويحتمل الرفع على تقدير هم الذين ، و (يَصُدُّونَ) يحتمل أن يقدر متعديا على معنى : يصدون الناس ويمنعونهم من سبيل الله ، ويحتمل أن يقدر غير متعد على معنى يصدون هم ، أن يعرضون. و (سَبِيلِ اللهِ) شريعته ، و (يَبْغُونَها) معناه يطلبون لها كما تقول بغيتك خيرا أو شرا أي طلبت لك ، و (عِوَجاً) على هذا مفعول : ويحتمل أن يكون المعنى : ويبغون السبيل على عوج ، أي فهم لا يهتدون أبدا ف (عِوَجاً) على هذا مصدر في موضع الحال ، والعوج الانحراف والميل المؤدي إلى الفساد ، وكرر قوله : (هُمْ) على جهة التأكيد ، وهي جملة في موضع خبر الابتداء الأول : وليس هذا موضع الفصل لأن الفصل إنما يكون بين معرفتين ، أو معرفة وفكرة تقارب المعرفة ، لأنها تفصل ما بين أن يكون ما بعدها صفة أو خبرا وتخلصه للخبر. و (مُعْجِزِينَ) معناه : مفلتين لا يقدر عليهم. وخص ذكر (الْأَرْضِ) لأن تصرف ابن آدم وتمتعه إنما هو فيها وهي قصاراه لا يستطيع النفوذ منها. وقوله : (وَما كانَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ أَوْلِياءَ) يحتمل معنيين :
أحدهما : أن نفي أن يكون لهم ولي أو ناصر كائنا من كان.
والثاني : أن يقصد وصف الأصنام والآلهة بأنهم لم يكونوا أولياء حقيقة ، وإن كانوا هم يعتقدون أنهم أولياء.
ثم أخبر أنهم يضاعف لهم العذاب يوم القيامة ، أي يشدد حتى يكون ضعفي ما كان. و (يُضاعَفُ) فعل مستأنف وليس بصفة.
وقوله : و (ما كانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَما كانُوا يُبْصِرُونَ) يحتمل خمسة أوجه :
أحدها : أن يصف هؤلاء الكفار بهذه الصفة على معنى أن الله ختم عليهم بذلك ، فهم لا يسمعون سماعا ينتفعون به ولا يبصرون كذلك.
والثاني : أن يكون وصفهم بذلك من أجل بغضتهم في النبي صلىاللهعليهوسلم فهم لا يستطيعون أن يحملوا أنفسهم على السمع منه والنظر إليه وينظر إلى هذا حشد الطفيل بن عمرو أذنيه بالكرسف ، وإباية قريش وقت الحديبية أن يسمعوا ما نقل إليهم من كلام رسول الله صلىاللهعليهوسلم حتى ردهم عن ذلك مشيختهم.
والثالث : أن يكون وصف بذلك الأصنام والآلهة التي نفى عنها ـ على التأويل المقدم ـ أن تكون أولياء.
و (ما) في هذه الوجوه نافية.
والرابع : أن يكون التقدير : يضاعف لهم العذاب بما كانوا : بحذف الجار ، وتكون (ما) مصدرية ، وهذا قول فيه تحامل. قاله الفراء ، وقرنه بقوله : أجازيك ما صنعت بي.
والخامس : أن تكون (ما) ظرفية ، يضاعف لهم مدة استطاعتهم السمع والبصر ، وقد أعلمت