الإسلام ففادهم واستبقهم ويتقوى المسلمون بأموالهم ، وقال عمر بن الخطاب لا يا رسول الله بل نضرب أعناقهم فإنهم أئمة الكفر ، وقال عبد الله بن رواحة بل نجعلهم في واد كثير الحطب ثم نضرمه عليهم نارا ، وقد كان سعد بن معاذ قال وهو مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم في العريش وقد رأى الأسر لقد كان الإثخان في القتل أحب إليّ من استبقاء الرجال ، فأخذ رسول الله صلىاللهعليهوسلم بقول أبي بكر ومال إليه ، فنزلت هذه الآية مخبرة أن الأولى والأهيب على سائر الكفار كان قتل أسرى بدر ، قال ابن عباس نزلت هذه الآية والمسلمون قليل ، فلما كثروا واشتد سلطانهم نزل في الأسر (فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِداءً) [محمد : ٤٧] وذكر الطبري وغيره أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم لما تكلم أصحابه في الأسرى بما ذكر دخل ولم يجبهم ثم خرج ، فقال : إن الله تعالى يلين قلوب رجال ويشدد قلوب رجال حتى تكون أشد من الحجارة ، وإن مثلك يا أبا بكر مثل إبراهيم قال (فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) [إبراهيم : ٣٦] ومثل عيسى قال : (إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) [المائدة :١١٨] ومثلك يا عمر مثل نوح قال : (رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً) [نوح : ٢٦] ومثل موسى قال : (رَبَّنَا اطْمِسْ عَلى أَمْوالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلى قُلُوبِهِمْ فَلا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ) [يونس : ٨٨] ثم قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، أنتم اليوم فلا يفلتن منهم رجل إلا بفدية أو ضرب عنق ، وفي هذا الحديث قال عمر : فهوى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ما قال أبو بكر ولم يهو ما قلت.
قال القاضي أبو محمد : وهذه حجة على ذكر الهوى في الصلاح ، وقرأت فرقة «ما كان للنبيّ» معرفا ، وقرأ جمهور الناس «لنبي» ، وقرأ أبو عمرو بن العلاء وحده «أن تكون» على التأنيث العلامة مراعاة للفظ الأسرى ، وقرأ باقي السبعة وجمهور الناس «أن يكون» بتذكير العلامة مراعاة لمعنى الأسرى ، وقرأ جمهور الناس والسبعة «أسرى» ، وقرأ بعض الناس «أسارى» ورواها المفضل عن عاصم ، وهي قراءة أبي جعفر ، والقياس والباب أن يجمع أسير على أسرى ، وكذلك كل فعيل بمعنى مفعول وشبه به فعيل وإن لم يكن بمعنى مفعول كمريض ومرضى ، إذا كانت أيضا أشياء سبيل الإنسان أن يجبر عليها وتأتيه غلبة ، فهو فيها بمنزلة المفعول ، وأما جمعه على أسارى فشبيه بكسالى في جمع كسلان وجمع أيضا كسلان على كسلى تشبيها بأسرى في جمع أسير ، قاله سيبويه : وهما شاذان ، وقال الزجّاج : أسارى جمع أسرى فهو جمع الجمع ، وقرأ جمهور الناس «يثخن» بسكون الثاء ، وقرأ أبو جعفر ويحيى بن يعمر ويحيى بن وثاب «يثخّن» بفتح الثاء وشد الخاء ، ومعناه في الوجهين يبالغ في القتل ، والإثخان إنما يكون في القتل والجارحة وما كان منها ، ثم أمر مخاطبة أصحاب النبي صلىاللهعليهوسلم فقال (تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيا) أي مالها الذي يعن ويعرض ، والمراد ما أخذ من الأسرى من الأموال ، (وَاللهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ) أي عمل الآخرة فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه ، وقرأ ابن جماز «الآخرة» بالخفض على تقدير المضاف ، وينظر ذلك لقول الشاعر : [المتقارب]
أكل امرئ تحسبين امرأ |
|
ونار توقّد بالليل نارا |
على تقدير وكل نار ، وذكر الطبري وغيره أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال للناس : إن شئتم