الله بن الزبير في مصنف البخاري ، وقاله مجاهد وعروة ، ومنه قول حاتم الطائي : [الطويل]
خذي العفو مني تستديمي مودتي |
|
ولا تنطقي في سورتي حين أغضب |
وقال ابن عباس والضحاك والسدي : هذه الآية ، في الأموال ، وقيل هي فرض الزكاة أمر بهاصلىاللهعليهوسلم أن يأخذ ما سهل من أموال الناس ، وعفا أي فضل وزاد من قولهم عفا النبات والشعر أي كثر ، ثم نزلت الزكاة وحدودها فنسخت هذه الآية ، وذكر مكي عن مجاهد أن (خُذِ الْعَفْوَ) معناه خذ الزكاة المفروضة.
قال القاضي أبو محمد : وهذا شاذ ، وقوله (وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ) معناه بكل ما عرفته النفوس مما لا ترده الشريعة ، ويروى أن النبي صلىاللهعليهوسلم قال لجبريل : ما هذا العرف الذي أمر به ، قال : لا أدري حتى أسأل العالم ، فرجع إلى ربه فسأله ثم جاءه فقال له : يا محمد هو أن تعطي من حرمك وتصل من قطعك وتعفو عمن ظلمك.
قال القاضي أبو محمد : فهذا نصب غايات والمراد فما دون هذا من فعل الخير. وقرأ عيسى الثقفي فيما ذكر أبو حاتم «بالعرف» بضم الراء والعرف والعرف بمعنى المعروف ، وقوله (وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ) حكم مترتب محكم مستمر في الناس ما بقوا ، هذا قول الجمهور من العلماء ، وقال ابن زيد في قوله (خُذِ الْعَفْوَ) ـ إلى ـ (الْجاهِلِينَ) إنما أمر النبي صلىاللهعليهوسلم بذلك مداراة لكفار قريش ثم نسخ ذلك بآية السيف.
قال القاضي أبو محمد : وحديث الحر بن قيس حين أدخل عمه عيينة بن حصن على عمر دليل على أنها محكمة مستمرة ، لأن الحر احتج بها على عمر فقررها ووقف عندها.
وقوله تعالى : (وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ) وصية من الله تعالى لنبيه صلىاللهعليهوسلم تعم أمته رجلا رجلا ، والنزغ حركة فيها فساد ، وقلّما تستعمل إلا في فعل الشيطان لأن حركاته مسرعة مفسدة ، ومنه قول النبي صلىاللهعليهوسلم : «لا يشر أحدكم على أخيه بالسلاح ، لا ينزغ الشيطان في الغضب وتحسين المعاصي واكتساب الغوائل وغير ذلك» ، وفي مصنف الترمذي عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه قال : إن للملك لمة وإن للشيطان لمة.
قال القاضي أبو محمد : وعن هاتين اللمتين هي الخواطر من الخير والشر ، فالأخذ بالواجب هذه الآية يصلح مع الاستعاذة ويصلح أيضا مع ما يقول فيه الكفار من الأقاويل فيغضبه الشيطان لذلك ، وعليم كذلك وبهذه الآية تعلق ابن القاسم في قوله : إن الاستعاذة عند القراءة أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم.
قوله عزوجل :
(إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ الشَّيْطانِ تَذَكَّرُوا فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ (٢٠١) وَإِخْوانُهُمْ