فهي متعبدة أي متملكة ، وقال مقاتل ، إن المراد بهذه الآية طائفة من العرب من خزاعة كانت تعبد الملائكة فأعلمهم الله أنهم عباد أمثالهم لا آلهة ، وقرأ سعيد بن جبير «إن الذين تدعون من دون الله عبادا أمثالكم» بتخفيف النون من «إن» على أن تكون بمعنى ما وبنصب قوله «عبادا وأمثالكم» ، والمعنى بهذه القراءة تحقير شأن الأصنام ونفي مماثلتهم للبشر ، بل هم أقل وأحقر إذ هي جمادات لا تفهم ولا تعقل ، وسيبويه يرى أن «إن» إذا كانت بمعنى «ما» فإنها تضعف عن رتبة «ما» فيبقى الخبر مرفوعا وتكون هي داخلة على الابتداء والخبر لا ينصبه ، فكان الوجه عنده في هذه القراءة «إن الذين تدعون من دون الله عباد أمثالكم» وأبو العباس المبرد يجيز أن تعمل عمل «ما» في نصب الخبر ، وزعم الكسائي أن «إن» بمعنى «ما» لا تجيء إلا وبعدها إلا كقوله تعالى : (إِنِ الْكافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ) [الملك : ٢] ثم بين تعالى الحجة بقوله (فَادْعُوهُمْ) أي فاختبروا فإن لم يستجيبوا فهم كما وصفنا ، وقوله تعالى : (أَلَهُمْ أَرْجُلٌ) الآية ، الغرض من هذه الآية ، ألهم حواس الحي وأوصافه؟ فإذا قالوا لا ، حكموا بأنها جمادات فجاءت هذه التفصيلات لذلك المجمل الذي أريد التقرير عليه فإذا وقع الإقرار بتفصيلات القضية لزم الإقرار بعمومها وكان بيانها أقوى ولم تبق بها استرابة ، قال الزهراوي : المعنى أنتم أفضل منهم بهذه الجوارح النافعة فكيف تعبدونهم؟
قال القاضي أبو محمد : و «تتقون» بهذا التأويل قراءة سعيد بن جبير ، إذ تقتضي أن الأوثان ليست عبادا كالبشر ، وقوله في الآية (أَمْ) إضراب لكل واحدة عن الجملة المتقدمة لها ، وليست «أم» المعادلة للألف في قوله أعندك زيد أم عمرو؟ لأن المعادلة إنما هي في السؤال عن شيئين أحدهما حاصل ، فإذا وقع التقدير على شيئين كلاهما منفي ف «أم» إضراب عن الجملة الأولى.
قال القاضي أبو محمد : وهذا عندي فرق معنوي ، وأما من جهة اللفظ والصناعة النحوية فهي هي ، وقرأ نافع والحسن والأعرج «يبطشون» بكسر الطاء وقرأ نافع أيضا وأبو جعفر وشيبة «يبطشون» بضمها ، ثم أمر الله تعالى نبيه صلىاللهعليهوسلم أن يعجزهم بقوله (قُلِ ادْعُوا شُرَكاءَكُمْ) أي استنجدوهم إلى إضراري وكيدي ولا تؤخروني ، المعنى فإن كانوا آلهة فسيظهر فعلهم ، وسماهم شركاءهم من حيث لهم نسبة إليهم بتسميتهم إياهم آلهة وشركاء لله ، وقرأ أبو عمرو ونافع «كيدوني» بإثبات الياء في الوصل ، وقرأ ابن كثير وعاصم وابن عامر وحمزة والكسائي «كيدون» بحذف الياء في الوصل والوقف ، قال أبو علي : إذا أشبه الكلام المنفصل أو كان منفصلا أشبه القافية وهم يحذفون الياء في القافية كثيرا قد التزموا ذلك ، كما قال الأعشى : [المتقارب]
فهل يمنعني ارتيادي البلا |
|
د من حذر الموت أن يأتين |
وقد حذفوا الياء التي هي لام الأمر كما قال الأعشى : [الرمل]
يلمس الأحلاس في منزله |
|
بيديه كاليهودي المصل |
وقوله (فَلا تُنْظِرُونِ) أي لا تؤخرون ، ومنه قوله تعالى : (فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسَرَةٍ) [البقرة : ٢٨٠] ، وقوله تعالى : (إِنَّ وَلِيِّيَ اللهُ) الآية ، أحالهم على الاستنجاد بآلهتهم في ضره وأراهم أن الله هو القادر على كل شيء لا تلك ، عقب ذلك بالإسناد إلى الله والتوكل عليه بأنه وليه وناصره ، وقرأ جمهور الناس والقراءة «إن