على موضع الفاء وما بعدها من قوله (فَلا هادِيَ لَهُ) لأنه موضع جزم ، ومثله قول أبي داود : [الوافر]
فأبلوني بليتكم لعلي |
|
أصالحكم واستدرج بويا |
ومنه قول الآخر : [الكامل]
أنّى سلكت فإنني لك كاشح |
|
وعلى انتقاصك في الحياة وأزدد |
قال أبو علي ومثله في الحمل على الموضع قوله تعالى : (لَوْ لا أَخَّرْتَنِي إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ) [المنافقون : ١٠] لأنك لو لم تلحق الفاء لقلت أصدق ، وروى خارجة عن نافع «ونذرهم» بالنون والجزم. و «الطغيان» الإفراط في الشيء وكأنه مستعمل في غير الصلاح ، و «العمه» الحيرة.
وقوله تعالى : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ) الآية ، قال قتادة بن دعامة المراد يسألونك كفار قريش ، وذلك أن قريشا قالت يا محمد إنّا قرابتك فأخبرنا بوقت الساعة ، قال ابن عباس : المراد بالآية اليهود ، وذلك أن جبل بن أبي قشير وسمويل بن زيد قالا له إن كنت نبيا فأخبرنا بوقت الساعة فإنّا نعرفها فإن صدقت آمنا بك ، والساعة القيامة موت كل شيء كان حينئذ حيا وبعث الجميع ، هو كله يقع عليه اسم الساعة واسم القيامة ، و (أَيَّانَ) معناه متى وهو سؤال عن زمان ولتضمنها الوقت بنيت ، وقرأ جمهور الناس «أيان» بفتح الهمزة ، وقرأ السلمي «إيان» بكسر الهمزة ، ويشبه أن يكون أصلها أي آن وهي مبنية على الفتح ، وقال الشاعر : [الرجز]
أيان يقضي حاجتي أيانا |
|
أما ترى لفعلها إبانا |
قال أبو الفتح وزن «أيان» بفتح الهمزة فعلان وبكسرها فعلان ، والنون فيهما زائدة ، و (مُرْساها) رفع بالابتداء والخبر ، (أَيَّانَ) ومذهب المبرد أن (مُرْساها) مرتفع بإضمار فعل ومعناه مثبتها ومنتهاها ، مأخوذة من أرسى يرسي ، ثم أمر الله عزوجل بالرد إليه والتسليم لعلمه ، و (يُجَلِّيها) معناه يظهرها والجلاء البينة الشهود وهو مراد زهير بقوله : [الوافر].
يمين أو نفار أو جلاء
وقوله : (ثَقُلَتْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) قال السدي ومعمر عن بعض أهل التأويل : معناه ثقل أن تعلم ويوقف على حقيقة وقتها ، قال الحسن بن أبي الحسن معناه ثقلت هيئتها والفزع منها على أهل السماوات والأرض ، كما تقول خيف العدو في بلد كذا وكذا ، وقال قتادة وابن جريج : معناه ثقلت على السماوات والأرض أنفسها لتفطر السماوات وتبدل الأرض ونسف الجبال ، ثم أخبر تعالى خبرا يدخل فيه الكل أنها لا تأتي إلا بغتة أي فجأة دون أن يتقدم منها علم بوقتها عند أحد من الناس ، و (بَغْتَةً) مصدر في موضع الحال.
وقوله تعالى : (يَسْئَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْها) الآية ، قال ابن عباس وقتادة ومجاهد : المعنى يسألونك عنها كأنك حفي أي متحف ومهتبل ، وهذا ينحو إلى ما قالت قريش إنّا قرابتك فأخبرنا ، وقال مجاهد أيضا والضحاك وابن زيد : معناه كأنك حفي في المسألة عنها والاشتغال بها حتى حصلت علمها ، وقرأ ابن عباس