وطلحة بن مصرف «معذرة» بالنصب أي وعظنا معذرة ، قال أبو علي حجتها أن سيبويه قال : لو قال رجل لرجل معذرة إلى الله وإليك من كذا لنصب.
قال القاضي أبو محمد : الرجل القائل في هذا المثال معتذر عن نفسه وليس كذلك الناهون من بني إسرائيل فتأمل ، ومعنى (مُهْلِكُهُمْ) في الدنيا (أَوْ مُعَذِّبُهُمْ) في الآخرة ، وقوله : (لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ) يقتضي الترجي المحض ، لأنه من قول آدميين.
والضمير في قوله : (نَسُوا) للمنهيين وهو ترك سمي نسيانا مبالغة إذ أقوى منازل الترك أن ينسى المتروك. و (ما) في قوله : (ما ذُكِّرُوا بِهِ) معنى الذي ، ويحتمل أن يراد به الذكر نفسه ، ويحتمل أن يراد به ما كان فيه الذكر ، و (السُّوءِ) لفظ عام في جميع المعاصي إلا أن الذي يختص هنا بحسب قصص الآية صيد الحوت ، و (الَّذِينَ ظَلَمُوا) هم العاصون ، وقوله : (بِعَذابٍ بَئِيسٍ) معناه مؤلم موجع شديد ، وقرأ نافع وأهل المدينة أبو جعفر وشيبة وغيرهما «بيس» بكسر الباء وسكون الياء وكسر السين وتنوينها ، وهذا على أنه فعل سمي به كقوله صلىاللهعليهوسلم «أنهاكم عن قيل وقال». وقرأ الحسن بن أبي الحسن «بيس» كما تقول بيس الرجل وضعّفها أبو حاتم ، قال أبو عمرو : وروي عن الحسن «بئس» بهمزة بين الباء والسين ، وقرأ نافع فيما يروي عنه خارجة «بيس» بفتح الباء وسكون الياء وكسر السين منونة ، وروى مالك بن دينار عن نصر بن عاصم «بيس» بفتح الباء والياء منونة على مثل جمل وجيل ، وقرأ أبو عبد الرحمن المقري «بئس» بفتح الباء وهمزة مكسورة وسين منونة على وزن فعل ، ومنه قول عبد الله بن قيس الرقيات : [المديد]
ليتني ألقى رقية في |
|
خلوة من غير ما بئس |
قال أبو عمرو الداني هي قراءة نصر بن عاصم وطلحة بن مصرف ، وروي عن نصر «بيس» بباء مكسورة من غيرهم ، قال الزهراوي وروي عن الأعمش «بئّس» الباء مفتوحة والهمزة مكسورة مشددة والسين مكسورة منونة ، وقرأ فرقة «بئس» كالتي قبل إلا فتح السين ، ذكرها أبو عمرو الداني عما حكى يعقوب ، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وحمزة والكسائي ونافع في رواية أبي قرة عنه وعاصم في رواية حفص عنه «بئيس» بياء بعد الهمزة المكسورة والسين المنونة على وزن فعيل ، وهذا وصف بالمصدر كقولهم عذير الحي والنذير والنكير ، ونحو ذلك ، وهي قراءة الأعرج ومجاهد وأهل الحجاز وأبي عبد الرحمن ونصر بن عاصم والأعمش وهي التي رجح أبو حاتم ، ومنه قول ذي الأصبع العدواني : [مجزوء الكامل]
حنقا عليّ ولا أرى |
|
لي منهما نشرا بئيسا |
وقرى أهل مكة «بئيس» كالأول إلا كسر الباء على وزن فعيل قال أبو حاتم : هما لغتان ، وقرأ عاصم في رواية أبي بكر عنه «بيئس» بفتح الباء وسكون الياء وفتح الهمزة على وزن فيعل ومعناه شديد ، ومنه قول امرئ القيس بن عابس الكندي : [الرجز]
كلاهما كان رييسا بيئسا |
|
يضرب في يوم الهياج القونسا |