ومنه قول الآخر : [الطويل]
ألا ليت أيام الشباب جديد |
|
وعصرا تولّى يا بثين يعود |
ومنه قوله تعالى : (وَلَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا) [الأنعام : ٢٨] ومنه قول الشاعر : [الطويل]
فإن تكن الأيام أحسن مرة |
|
إليّ فقد عادت لهنّ ذنوب |
والوجه الثاني أن تكون بمعنى صار وعاملة عملها ولا تتضمن أن الحال قد كانت متقدمة. ومن هذه قول الشاعر : [البسيط]
تلك المكارم لاقعبان من لبن |
|
شيبا بماء فعادا بعد أبوالا |
ومنه قول الآخر : [الرجز]
وعاد رأسي كالثغامة
ومنه قوله تعالى : (حَتَّى عادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ) [يس : ٣٩] على أن هذه محتملة ، فقوله في الآية أو (لَتَعُودُنَ) و (شُعَيْبُ) عليهالسلام لم يكن قط كافرا يقتضي أنها بمعنى صار ، وأما في جهة المؤمنين بعد كفرهم فيترتب المعنى الآخر ويخرج عنه «شعيب» إلا أن يريدوا عودته إلى حال سكوته قبل أن يبعث ، وقوله (أَوَلَوْ كُنَّا كارِهِينَ) توقيف منه لهم على شنعة المعصية وطلب أن يقروا بألسنتهم بإكراه المؤمنين بالله على الإخراج ظلما وغشما.
والظاهر في قوله : (قَدِ افْتَرَيْنا عَلَى اللهِ كَذِباً إِنْ عُدْنا فِي مِلَّتِكُمْ) أنه خبر منه أي لقد كنا نواقع عظيما ونفتري على الله الكذب في الرجوع إلى الكفر ، ويحتمل أن يكون على جهة القسم الذي هو في صيغة الدعاء ، مثل قول الشاعر : بقيت وفري.
وكما تقول «افتريت على الله» إن كلمت فلانا ، و (افْتَرَيْنا) معناه شققنا بالقول واختلفنا. ومنه قول عائشة : من زعم أن محمدا صلىاللهعليهوسلم رأى ربه فقد أعظم على الله الفرية ، ونجاة «شعيب» من ملتهم كانت منذ أول أمره ، ونجاة من آمن معه كانت بعد مواقعة الكفر ، وقوله : (إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ) يحتمل أن يريد إلا أن يسبق علينا من الله في ذلك سابق وسوء وينفذ منه قضاء لا يرد.
قال القاضي أبو محمد : والمؤمنون هم المجوزون لذلك وشعيب قد عصمته النبوة ، وهذا أظهر ما يحتمل القول ، ويحتمل أن يريد استثناء ما يمكن أن يتعبد الله به المؤمنين مما يفعله الكفار من القربات ، فلما قال لهم : إنا لا نعود في ملتكم ثم خشي أن يتعبد الله بشيء من أفعال الكفرة فيعارض ملحد بذلك ويقول : هذه عودة إلى ملتنا استثنى مشيئة الله تعالى فيما يمكن أن يتعبد به ويحتمل أن يريد بذلك معنى الاستبعاد كما تقول : لا أفعل كذا حتى يشيب الغراب وحتى يلج الجمل في سم الخياط ، وقد علم امتناع ذلك فهو إحالة على مستحيل.
قال القاضي أبو محمد : وهذا تأويل إنما هو للمعتزلة الذين من مذهبهم أن الكفر والإيمان ليسا