فإنّ أبا المرء أحمص له |
|
ومولى الكلالة لا يغضب |
فالأب والابن هما عمودا النسب ، وسائر القرابة يكللون ، وقال أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وابن عباس وسليم بن عبيد وقتادة والحكم وابن زيد والزهري وأبو إسحاق السبيعي : «الكلالة» خلو الميت عن الولد والوالد ، وهذا هو الصحيح ، وقالت طائفة : هي خلو الميت من الولد فقط ، وروي ذلك عن أبي بكر الصديق وعن عمر ، ثم رجعا عنه ، وروي عن ابن عباس ، وذلك مستقرا من قوله في الإخوة مع الوالدين : إنهم يحطون الأم ويأخذون ما يحطونها.
قال القاضي أبو محمد : هكذا حكى الطبري. ويلزم على قول ابن عباس إذ ورثهم بأن الفريضة «كلالة» أن يعطيهم الثلث بالنص ، وقالت طائفة منهم الحكم بن عتيبة : «الكلالة» الخلو من الوالد ، وهذان القولان ضعيفان ، لأن من بقي والده أو ولده ، فهو موروث بجزم نسب لا بتكلل ، وأجمعت الآن الأمة على أن الإخوة لا يرثون مع ابن ولا مع أب ، وعلى هذا مضت الأمصار والأعصار ، وقرأ جمهور الناس ـ «يورث» بفتح الراء ، وقرأ الأعمش وأبو رجاء ـ «يورّث» ـ بكسر الراء وتشديدها ، قال أبو الفتح بن جني : قرأ الحسن «يورث» من أورث ، وعيسى «يورّث» بشد الراء من ورث ، والمفعولان على كلتا القراءتين محذوفان ، التقدير : يورث وارثه ماله كلالة ، ونصب (كَلالَةً) على الحال ، واختلفوا في «الكلالة» فيما وقعت عليه في هذه الآية ، فقال عمر وابن عباس : «الكلالة» الميت الموروث إذا لم يكن له أب ، ونصبها على خبر كان ، وقال ابن زيد : «الكلالة» الوارثة بجملتها ، الميت والأحياء كلهم «كلالة» ، ونصبها على الحال أو على النعت لمصدر محذوف تقديره وراثة «كلالة» ، ويصح على هذا أن تكون (كانَ) تامة بمعنى وقع ، ويصح أن تكون ناقصة وخبرها (يُورَثُ) وقال عطاء : «الكلالة» المال ، ونصب على المفعول الثاني.
قال القاضي أبو محمد : والاشتقاق في معنى الكلالة يفسد تسمية المال بها ، وقالت طائفة : الكلالة الورثة ، وهذا يستقيم على قراءة «يورث» بكسر الراء ، فينصب (كَلالَةً) على المفعول ، واحتج هؤلاء بحديث جابر بن عبد الله ، إذ عاده رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فقال : يا رسول الله ، إنما يرثني «كلالة» أفأوصي بمالي كله؟ وحكى بعضهم : أن تكون «الكلالة» الورثة ، ونصبها على خبر (كانَ) ، وذلك بحذف مضاف ، تقديره ذا كلالة ، ويستقيم سائر التأويلات على كسر الراء ، وقوله (أَوِ امْرَأَةٌ) عطف على الرجل ، وقوله تعالى : (وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ) الآية ، الضمير في له عائد على الرجل ، واكتفى بإعادته عليه دون المرأة ، إذ المعنى فيهما واحد ، والحكم قد ضبطه العطف الأول ، وأصل (أُخْتٌ) : أخوة ، كما أصل بنت : بنية ، فضم أول أخت إذ المحذوف منها واو ، وكسر أول بنت إذ المحذوف ياء ، وهذا الحذف والتعليل على غير قياس ، وأجمع العلماء على أن الإخوة في هذه الآية الإخوة لأم ، لأن حكمهم منصوص في هذه الآية على صفة ، وحكم سائر الإخوة مخالف له ، وهو الذي في كلالة آخر السورة ، وقرأ سعد بن أبي وقاص «وله أخ أو أخت لأمه» والأنثى والذكر في هذه النازلة سواء ، وشركتهم في الثلث متساوية وإن كثروا ، هذا إجماع ، فإن ماتت امرأة وتركت زوجا وأما وإخوة أشقاء ، فللزوج النصف ، وللأم السدس وما بقي فللإخوة ، فإن كانوا لأم فقط ، فلهم الثلث ، فإن تركت الميتة زوجا وأما وأخوين لأم وإخوة لأب وأم ، فهذه الحمارية ، قال قوم : فيها للإخوة للأم الثلث ، ولا شيء للإخوة الأشقاء ، كما لو مات رجل وخلف أخوين لأم ، وخلف مائة أخ لأب