المومسات منهن ، وروي عن ابن عباس نحو هذا ، وقوله تعالى : (وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ) إخبار أن المؤمنة المملوكة خير من المشركة وإن كانت ذات الحسب والمال ولو أعجبتكم في الحسن وغير ذلك ، هذا قول الطبري وغيره ، وقال السدي : نزلت في عبد الله بن رواحة كانت له أمة سوداء فلطمها في غضب ، ثم ندم فأتى النبي صلىاللهعليهوسلم فأخبره ، وقال : هي تصوم وتصلي وتشهد الشهادتين ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : هذه مؤمنة. فقال ابن رواحة : لأعتقنّها ولأتزوجنّها ، ففعل ، فطعن عليه ناس فنزلت الآية فيه ، ومالك رحمهالله لا يجوز عنده نكاح الأمة الكتابية ، وقال أشهب في كتاب محمد فيمن أسلم وتحته أمة كتابية : إنه لا يفرق بينهما ، وروى ابن وهب وغيره عن مالك أن الأمة المجوسية لا يجوز أن توطأ بملك اليمين ، وأبو حنيفة وأصحابه يجيزون نكاح الإماء الكتابيات.
وقوله تعالى : (وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا) الآية ، أجمعت الأمة على أن المشرك لا يطأ المؤمنة بوجه لما في ذلك من الغضاضة على دين الإسلام ، والقراء على ضم التاء من (تَنْكِحُوا) ، وقال بعض العلماء : إن الولاية في النكاح نص في لفظ هذه الآية.
(وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ) مملوك (خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ) حسيب ولو أعجبك حسنه وماله حسبما تقدم ، وليس التفضيل هنا بلفظة (خَيْرٌ) من جهة الإيمان فقط لأنه لا اشتراك من جهة الإيمان ، لكن الاشتراك موجود في المعاشرة والصحبة وملك العصمة وغير شيء ، وهذا النظر هو على مذهب سيبويه في أن لفظة «أفعل» التي هي للتفضيل لا تصح حيث لا اشتراك. كقولك «الثلج أبرد من النار» ، والنور أضوأ من الظلمة» ، وقال الفراء وجماعة من الكوفيين : تصح لفظة «أفعل» حيث الاشتراك وحيث لا اشتراك ، وحكى مكي عن نفطويه أن لفظة التفضيل تجيء في كلام العرب إيجابا للأول ونفيا عن الثاني.
قال القاضي أبو محمد : وتحتمل الآية عندي أن يكون ذكر العبد والأمة عبارة عن جميع الناس حرهم ومملوكهم ، كما قال صلىاللهعليهوسلم : «لا تمنعوا إماء الله مساجد الله» ، وكما نعتقد أن الكل عبيد الله ، وكما قال تعالى : (نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ) [ص : ٣٠] ، فكأن الكلام في هذه الآية : ولامرأة ولرجل.
وقوله تعالى : (أُولئِكَ) الإشارة إلى المشركات والمشركين ، أي أنّ صحبتهم ومعاشرتهم توجب الانحطاط في كثير من هواهم مع تربيتهم النسل ، فهذا كله دعاء إلى النار مع السلامة من أن يدعو إلى دينه نصا من لفظه ، والله تعالى يمن بالهداية ويبين الآيات ويحض على الطاعات التي هي كلها دواع إلى الجنة ، وقرأ الحسن بن أبي الحسن «والمغفرة» بالرفع على الابتداء ، والإذن العلم والتمكين ، فإن انضاف إلى ذلك أمر فهو أقوى من الإذن ، لأنك إذا قلت «أذنت كذا» فليس يلزمك أنك أمرت ، و (لَعَلَّهُمْ) ترجّ في حق البشر ، ومن تذكر عمل حسب التذكر فنجا.
قوله عزوجل :
(وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّساءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللهُ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ (٢٢٢) نِساؤُكُمْ