وقال مجاهد : «الناس آدم وحده».
وقال قوم : «آدم وحواء».
وقال ابن عباس وقتادة : (النَّاسُ) القرون التي كانت بين آدم ونوح ، وهي عشرة ، كانوا على الحق حتى اختلفوا فبعث الله تعالى نوحا فمن بعده.
وقال قوم : الناس نوح ومن في سفينته ، كانوا مسلمين ثم بعد ذلك اختلفوا.
وقال ابن عباس أيضا : كان الناس أمة واحدة كفارا ، يريد في مدة نوح حين بعثه الله ، و (كانَ) على هذه الأقوال هي على بابها من المضي المنقضي ، وتحتمل الآية معنى سابعا وهو أن يخبر عن الناس الذين هم الجنس كله أنهم أمة واحدة في خلوهم عن الشرائع وجهلهم بالحقائق. لولا منّ الله عليهم وتفضله بالرسل إليهم ، ف (كانَ) على هذا الثبوت لا تختص بالمضي فقط ، وذلك كقوله تعالى : (وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً) [النساء : ٩٦ ـ ٩٩ ـ ١٠٠ ـ ١٥٢ ، الفرقان : ٧٠ ، الأحزاب : ٥ ـ ٥٩ ، الفتح : ١٤] ، والأمة الجماعة على المقصد الواحد ، ويسمى الواحد أمة إذا كان منفردا بمقصد ، ومنه قول النبي صلىاللهعليهوسلم في قس بن ساعدة : «يحشر يوم القيامة أمة وحده» ، وقرأ أبي بن كعب «كان البشر أمة واحدة» ، وقرأ ابن مسعود «كان الناس أمة واحدة فاختلفوا فبعث» ، وكل من قدر (النَّاسُ) في الآية مؤمنين قدر في الكلام فاختلفوا ، وكل من قدرهم كفارا كانت بعثة (النَّبِيِّينَ) إليهم ، وأول الرسل على ما ورد في الصحيح في حديث الشفاعة نوح ، لأن الناس يقولون له: أنت أول الرسل ، والمعنى إلى تقويم كفار وإلا فآدم مرسل إلى بنيه يعلمهم الدين والإيمان ، و (مُبَشِّرِينَ) معناه بالثواب على الطاعة ، و (مُنْذِرِينَ) معناه من العقاب على المعاصي ، ونصب اللفظتين على الحال ، و (الْكِتابَ) اسم الجنس ، والمعنى جميع الكتب.
وقال الطبري : «الألف واللام في الكتاب للعهد ، والمراد التوراة» ، و (لِيَحْكُمَ) مسند إلى الكتاب في قول الجمهور.
وقال قوم : المعنى ليحكم الله ، وقرأ الجحدري «ليحكم» على بناء الفعل للمفعول ، وحكى عنه مكي «لنحكم».
قال القاضي أبو محمد : وأظنه تصحيفا لأنه لم يحك عنه البناء للمفعول كما حكى الناس ، والضمير في (فِيهِ) عائد على (مَا) من قوله : (فِيمَا) ، والضمير في (فِيهِ) الثانية يحتمل العود على الكتاب ويحتمل على الضمير الذي قبله ، والذين أوتوه أرباب العلم به والدراسة له ، وخصهم بالذكر تنبيها منه تعالى على الشنعة في فعلهم والقبح الذي واقعوه. و (الْبَيِّناتُ) الدلالات والحجج ، و (بَغْياً) منصوب على المفعول له ، والبغي التعدي بالباطل ، و «هدى» معناه أرشد ، وذلك خلق الإيمان في قلوبهم ، وقد تقدم ذكر وجوه الهدى في سورة الحمد ، والمراد ب (الَّذِينَ آمَنُوا). من آمن بمحمد صلىاللهعليهوسلم.
فقالت طائفة : معنى الآية : أن الأمم كذب بعضهم كتاب بعض فهدى الله أمة محمد التصديق بجميعها.