ليالي ، وزيدت فيها الياء كما زيدت في كراهية وفراهية ، و (النَّهارِ) يجمع نهرا وأنهرة ، وهو من طلوع الفجر إلى غروب الشمس ، يقضي بذلك قول النبي صلىاللهعليهوسلم لعدي بن حاتم «إنما هو بياض النهار وسواد الليل» ، وهذا هو مقتضى الفقه في الإيمان ونحوها ، فأما على ظاهر اللغة وأخذه من السعة فهو من وقت الإسفار إذا اتسع وقت النهار كما قال : [الطويل]
ملكت بها كفي فأنهرت فتقها |
|
يرى قائم من دونها ما وراءها |
وقال الزجاج في كتاب الأنواء : أول النهار ذرور الشمس قال : وزعم النضر بن شميل أن أول النهار ابتداء طلوع الشمس ولا يعد ما قبل ذلك من النهار.
قال القاضي أبو محمد عبد الحق رضي الله عنه : وقول النبي صلىاللهعليهوسلم هو الحكم ، و (الْفُلْكِ) السفن ، وإفراده وجمعه بلفظ واحد ، وليست الحركات تلك بأعيانها ، بل كأنه بني الجمع بناء آخر ، يدل على ذلك توسط التثنية في قولهم فلكان ، والفلك المفرد مذكر ، قال الله تعالى : (فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ) [الشعراء : ١١٩].
و «ما ينفع الناس» هي التجارات وسائر المآرب التي يركب لها البحر من غزو وحج ، والنعمة بالفلك هي إذا انتفع بها ، فلذلك خص ذكر الانتفاع إذ قد تجري بما يضر ، و (ما أَنْزَلَ اللهُ مِنَ السَّماءِ مِنْ ماءٍ) يعني به الأمطار التي بها إنعاش العالم وإخراج النبات والأرزاق ، و (بَثَ) معناه فرق وبسط ، و (دَابَّةٍ) تجمع الحيوان كله ، وقد أخرج بعض الناس الطير من الدواب ، وهذا مردود ، وقال الأعشى : [الطويل]
دبيب قطا البطحاء في كلّ منهل
وقال علقمة بن عبدة : [الطويل]
صواعقها لطيرهنّ دبيب
و (تَصْرِيفِ الرِّياحِ) إرسالها عقيما ومقحة وصرا ونصرا وهلاكا ، ومنه إرسالها جنوبا وشمالا وغير ذلك ، و (الرِّياحِ) جمع ريح ، وجاءت في القرآن مجموعة مع الرحمة مفردة مع العذاب ، إلا في يونس في قوله تعالى (وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ) [يونس : ٢٢] ، وهذا أغلب وقوعها في الكلام ، وفي الحديث : «كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم إذا هبت الريح يقول : اللهم اجعلها رياحا ولا تجعلها ريحا».
قال القاضي أبو محمد عبد الحق رضي الله عنه : وذلك لأن ريح العذاب شديدة ملتئمة الأجزاء كأنها جسم واحد ، وريح الرحمة لينة متقطعة فلذلك هي رياح وهو معنى «نشرا» ، وأفردت مع الفلك لأن ريح إجراء السفن إنما هي واحدة متصلة ، ثم وصفت بالطيب فزال الاشتراك بينها وبين ريح العذاب ، وهي لفظة من ذوات الواو ، يقال ريح وأرواح ، ولا يقال أرياح ، وإنما قيل رياح من جهة الكسرة وطلب تناسب الياء معها ، وقد لحن في هذه اللفظة عمارة بن عقيل بن بلال بن جرير ، فاستعمل الأرياح في شعره ولحن في ذلك ، وقال له أبو حاتم : إن الأرياح لا تجوز ، فقال : أما تسمع قولهم رياح؟ ، فقال أبو حاتم : هذا خلاف ذلك ، فقال : صدقت ورجع ، وأما القراء السبعة فاختلفوا فقرأ نافع (الرِّياحِ) في اثني عشر موضعا : هنا