قال الحسن وقتادة
: «المسكنة الخراج أي الجزية».
وقال أبو العالية
: «المسكنة الفاقة والحاجة».
(وَباؤُ بِغَضَبٍ مِنَ
اللهِ) معناه : مروا متحملين له ، تقول : بؤت بكذا إذا تحملته ،
ومنه قول مهلهل ليحيى بن الحارث بن عباد : «بؤ بشسع نعل كليب».
والغضب بمعنى الإرادة
صفة ذات ، وبمعنى إظهاره على العبد بالمعاقبة صفة فعل ، والإشارة بذلك إلى ضرب
الذلة وما بعده ، والباء في (بِأَنَّهُمْ) باء السبب.
وقال المهدوي : «إن
الباء بمعنى اللام» والمعنى : لأنهم ، والآيات هنا تحتمل أن يراد بها التسع وغيرها
مما يخرق العادة ، وهو علامة لصدق الآية به ، ويحتمل أن يراد آيات التوراة التي هي
كآيات القرآن.
وقرأ الحسن بن أبي
الحسن : «وتقتلون» بالتاء على الرجوع إلى خطابهم ، وروي عنه أيضا بالياء.
وقرأ نافع : بهمز «النبيئين»
، وكذلك حيث وقع في القرآن ، إلا في موضعين : في سورة الأحزاب : (إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَها لِلنَّبِيِّ
إِنْ أَرادَ النَّبِيُ) [الأحزاب : ٥٠]
بلا مد ولا همز ، و (لا تَدْخُلُوا
بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا) [الأحزاب : ٥٣] ،
وإنما ترك همز هذين لاجتماع همزتين مكسورتين من جنس واحد ، وترك الهمز في جميع ذلك
الباقون ، فأما من همز فهو عنده من «أنبأ» إذا أخبر ، واسم فاعله منبىء فقيل نبيء
، بمعنى منبىء ، كما قيل : سميع بمعنى مسمع ، واستدلوا بما جاء من جمعه على نباء.
قال الشاعر : [الطويل]
يا خاتم النبآء
إنك مرسل
|
|
بالحقّ كلّ هدى
الإله هداكا
|
فهذا كما يجمع
فعيل في الصحيح «كظريف» وظرفاء وشبهه.
قال أبو علي : «زعم
سيبويه أنهم يقولون في تحقير النبوة : كان مسيلمة نبوته نبيئة سوء ، وكلهم يقولون
تنبأ مسيلمة ، فاتفاقهم على ذلك دليل على أن اللام همزة» ، واختلف القائلون بترك
الهمز في نبيء ، فمنهم من اشتق النبي من همز ثم سهل الهمز ، ومنهم من قال : هو مشتق
من نبا ينبوا إذا ظهر ، فالنبي الطريق الظاهر ، وكان النبي من عند الله طريق الهدى
والنجاة ، وقال الشاعر : [البسيط].
لما وردنا نبيا
واستتبّ بنا
|
|
مسحنفر كخطوط
السيح منسحل
|
واستدلوا بأن
الأغلب في جمع أنبياء كفعيل في المعتل ، نحو ولي وأولياء وصفي وأصفياء ، وحكى
الزهراوي أنه يقال نبوء إذا ظهر فهو نبيء ، والطريق الظاهر نبيء بالهمز ، وروي أن
رجلا قال للنبيصلىاللهعليهوسلم : السلام عليك يا نبيء الله ، وهمز ، فقال له النبي عليهالسلام : لست بنبيء الله ، وهمز ، ولكني نبيّ الله ، ولم يهمز.
قال أبو علي : «ضعف
سند هذا الحديث ، ومما يقوي ضعفه أنه صلىاللهعليهوسلم ، قد أنشده المادح يا خاتم النبآء ولم يؤثر في ذلك إنكار ،
والجمع كالواحد».