واختلف في تفسير هذا العهد : فقال بعض المتأولين : هو الذي أخذه الله على بني آدم حين استخرجهم من ظهر أبيهم آدم كالذر.
وقال آخرون : بل نصب الأدلة على وحدانية الله بالسماوات والأرض وسائر الصنعة هو بمنزلة العهد.
وقال آخرون : بل هذا العهد هو الذي أخذه الله على عباده بواسطة رسله أن يوحدوه وأن لا يعبدوا غيره.
وقال آخرون : بل هذا العهد هو الذي أخذه الله تعالى على أتباع الرسل والكتب المنزلة أن يؤمنوا بمحمد صلىاللهعليهوسلم ، وأن لا يكتموا أمره.
قال القاضي أبو محمد عبد الحق رضي الله عنه : فالآية على هذا في أهل الكتاب ، وظاهر ما قبل وبعد أنه في جميع الكفار.
وقال قتادة : «هذه الآية هي فيمن كان آمن بالنبي عليهالسلام ثم كفر به فنقض العهد».
قال القاضي أبو محمد رحمهالله : لم ينسب الطبري شيئا من هذه الأقوال ، وكل عهد جائز بين المسلمين فنقضه لا يحل بهذه الآية ، والضمير في (مِيثاقِهِ) يحتمل العودة على العهد أو على اسم الله تعالى ، وميثاق مفعال من الوثاقة ، وهي الشد في العقد والربط ونحوه ، وهو في هذه الآية اسم في موضع المصدر كما قال عمرو بن شييم : [الوافر].
أكفرا بعد ردّ الموت عنّي |
|
وبعد عطائك المائة الرّتاعا؟ |
أراد بعد إعطائك.
وقوله تعالى : (ما أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ) ، (ما) في موضع نصب ب (يَقْطَعُونَ) واختلف الشيء الذي أمر بوصله؟
فقال قتادة : «الأرحام عامة في الناس» وقال غيره : «خاصة فيمن آمن بمحمد ، كان الكفار يقطعون أرحامهم». وقال جمهور أهل العلم : الإشارة في هذه الآية إلى دين الله وعبادته في الأرض ، وإقامة شرائعه ، وحفظ حدوده.
قال القاضي أبو محمد : وهذا هو الحق ، والرحم جزء من هذا ، و (أَنْ) في موضع نصب بدل من (ما) ، أو مفعول من أجله. وقيل (أَنْ) في موضع خفض بدل من الضمير في (بِهِ) ، وهذا متجه.
(وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ) يعبدون غير الله ويجورون في الأفعال ، إذ هي بحسب شهواتهم ، والخاسر الذي نقص نفسه حظها من الفلاح والفوز ، والخسران النقص كان في ميزان أو غيره.
وقوله تعالى : (كَيْفَ تَكْفُرُونَ) لفظه الاستفهام وليس به ، بل هو تقرير وتوبيخ ، أي كيف تكفرون بالله ونعمه عليكم وقدرته هذه؟ و (كَيْفَ) في موضع نصب على الحال والعامل فيها (تَكْفُرُونَ) ، وتقديرها أجاحدين تكفرون أمنكرين تكفرون؟ و (كَيْفَ) مبنية ، وخصت بالفتح لخفته ، ومن قال إن (كَيْفَ) تقرير