(كُلَّما) ظرف يقتضي الحصر وفي هذه الآية رد على من يقول : إن الرزق من شروطه التملك.
قال القاضي أبو محمد : ذكر هذا بعض الأصوليين وليس عندي ببين ، وقولهم (هذَا) إشارة إلى الجنس أي : هذا من الجنس الذي رزقنا منه من قبل ، والكلام يحتمل أن يكون تعجبا وهو قول ابن عباس ، ويحتمل أن يكون خبرا من بعضهم لبعض ، قاله جماعة من المفسرين.
وقال الحسن ومجاهد : «يرزقون الثمرة ثم يرزقون بعدها مثل صورتها والطعم مختلف فهم يتعجبون لذلك ويخبر بعضهم بعضا».
وقال ابن عباس : «ليس في الجنة شيء مما في الدنيا سوى الأسماء ، وأما الذوات فمتباينة».
وقال بعض المتأولين : «المعنى أنهم يرون الثمر فيميزون أجناسه حين أشبه منظره ما كان في الدنيا ، فيقولون : (هذَا الَّذِي رُزِقْنا مِنْ قَبْلُ) في الدنيا».
قال القاضي أبو محمد : وقول ابن عباس الذي قبل هذا يرد على هذا القول بعض الرد.
وقال بعض المفسرين : «المعنى هذا الذي وعدنا به في الدنيا فكأنهم قد رزقوه في الدنيا إذ وعد الله منتجز».
وقال قوم : إن ثمر الجنة إذا قطف منه شيء خرج في الحين في موضعه مثله فهذا إشارة إلى الخارج في موضع المجني.
وقرأ جمهور الناس : «وأتوا» بضم الهمزة وضم التاء.
وقرأ هارون الأعور : «وأتوا» بفتح الهمزة والتاء والفاعل على هذه القراءة الولدان والخدام ، و «أتوا» على قراءة الجماعة أصله أتيوا نقلت حركة الياء إلى التاء ثم حذفت الياء للالتقاء.
وقوله تعالى : (مُتَشابِهاً) قال ابن عباس ومجاهد والحسن وغيرهم : «معناه يشبه بعضه بعضا في المنظر ويختلف في الطعم».
وقال عكرمة : «معناه يشبه ثمر الدنيا في المنظر ويباينه في جل الصفات».
وقوله تعالى : (مُتَشابِهاً) معناه خيار لا رذل فيه ، كقوله تعالى : (كِتاباً مُتَشابِهاً) [الزمر: ٢٣].
قال القاضي أبو محمد عبد الحق رضي الله عنه : كأنه يريد متناسبا في أن كل صنف هو أعلى جنسه فهذا تشابه ما ، وقيل (مُتَشابِهاً) أي مع ثمر الدنيا في الأسماء لا في غير ذلك من هيئة وطعم ، و (أَزْواجٌ) جمع زوج والمرأة زوج الرجل والرجل زوج المرأة ويقال في المرأة زوجة ومنه قول الفرزدق : [الطويل]
وإن الذي يسعى ليفسد زوجتي |
|
كساع إلى أسد الشرى يستبيلها |
وقال عمار بن ياسر في شأن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها : «والله إني لأعلم أنها زوجته في الدنيا والآخرة ، ولكن الله ابتلاكم». ذكر البخاري وغيره الحديث بطوله. و (مُطَهَّرَةٌ) أبلغ من طاهرة ، ومعنى هذه الطهارة من الحيض والبزاق وسائر أقذار الآدميات ، وقيل من الآثام. والخلود الدوام في الحياة أو