وقالت طائفة : الضمير في (مِثْلِهِ) عائد على الكتب القديمة التوراة والإنجيل والزبور.
وقوله تعالى : (وَادْعُوا شُهَداءَكُمْ) معناه دعاء استصراخ ، والشهداء من شهدهم وحضرهم من عون ونصير ، قاله ابن عباس. وقيل عن مجاهد : إن المعنى دعاء استحضار.
والشهداء جمع شاهد ، أي من يشهد لكم أنكم عارضتم ، وهذا قول ضعيف.
وقال الفراء : شهداؤهم يراد بهم آلهتهم.
وقوله تعالى : (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) أي فيما قلتم من الريب. هذا قول بعض المفسرين.
وقال غيره : فيما قلتم من أنكم تقدرون على المعارضة. ويؤيد هذا القول أنه قد حكى عنهم في آية أخرى : (لَوْ نَشاءُ لَقُلْنا مِثْلَ هذا) [الأنفال : ٣١].
وقوله تعالى : (فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا) ، دخلت «إن» على (لَمْ) لأن (لَمْ تَفْعَلُوا) معناه تركتم الفعل ، ف «إن» لا تؤثر كما لا تؤثر في الماضي من الأفعال ، و (تَفْعَلُوا) جزم ب (لَمْ) ، وجزمت ب (لَمْ) لأنها أشبهت «لا» في التبرية في أنهما ينفيان ، فكما تحذف لا تنوين الاسم كذلك تحذف لم الحركة أو العلامة من الفعل.
وقوله : (وَلَنْ تَفْعَلُوا) نصبت (لَنْ) ، ومن العرب من تجزم بها ، ذكره أبو عبيدة ، ومنه بيت النابغة على بعض الروايات : [البسيط]
فلن أعرّض أبيت اللعن بالصفد
وفي الحديث في منامة عبد الله بن عمر فقيل لي : «لن ترع» هذا على تلك اللغة ، وفي قوله : (لَنْ تَفْعَلُوا) إثارة لهممهم وتحريك لنفوسهم ، ليكون عجزهم بعد ذلك أبدع ، وهو أيضا من الغيوب التي أخبر بها القرآن قبل وقوعها.
وقوله تعالى : (فَاتَّقُوا النَّارَ) ، أمر بالإيمان وطاعة الله خرج في هذه الألفاظ المحذرة.
وقرأ الجمهور : «وقودها» بفتح الواو. وقرأ الحسن بن أبي الحسن ومجاهد وطلحة بن مصرف وأبو حيوة : «وقودها» بضم الواو في كل القرآن ، إلا أن طلحة استثنى الحرف الذي في البروج ، وبفتح الواو هو الحطب وبضمها هو المصدر ، وقد حكيا جميعا في الحطب وقد حكيا في المصدر.
قال ابن جني : «من قرأ بضم الواو فهو على حذف مضاف تقديره ذو وقودها ، لأن الوقود بالضم مصدر ، وليس بالناس ، وقد جاء عنهم الوقود بالفتح في المصدر ، ومثله ولعت به «ولوعا» بفتح الواو ، وكله شاذ ، والباب هو الضم».
وقوله : (النَّاسُ) عموم معناه الخصوص فيمن سبق عليه القضاء بدخولها.
وروي عن ابن مسعود في (الْحِجارَةُ) أنها حجارة الكبريت وخصت بذلك لأنها تزيد على جميع الأحجار بخمسة أنواع من العذاب : سرعة الاتقاد ، ونتن الرائحة ، وكثرة الدخان ، وشدة الالتصاق بالأبدان ، وقوة حرها إذا حميت.