فالتفاوت العظيم
لا يقع وانما يقع ذلك فى العلوم المكتسبة .
وكأن الذوق الفنى
، ذلك الذى يسميه القاضى ـ العلم الضرورى ـ أو الآلة ، أو الألطاف ، أو التأييد
الإلهى ، شىء يختلف حسب نصيب كل مجتهد ، وهذه الأنصبة تتفاوت صعدا إلى أن تقف عند
نهاية ، وكذا العلوم المكتسبة أيضا لها نهاية.
أما الدرجة التى
تعدت نهاية الذوق ونهاية العلم ، فهى درجة المعجز ، وهى درجة القرآن الكريم.
والنتيجة التى
نخرج بها من دراستنا لآراء القاضى عبد الجبار ، مما عرضناه. هى :
ـ أن العرب لم
يعارضوا القرآن الكريم ولم يأتوا بمثله لتعذر ذلك عليهم. لما يختص به من المزية فى
الفصاحة.
ـ وأن هذه المزية
لم تجر العادة بمثلها فى كلام الفصحاء ، فلا بد من أن يقتضى نقص العادة ، ومتى
وضحت صحة هذه الدعاوى ، لم يبق للمخالف شبهة ، وأن القرآن الكريم بالإضافة إلى
إعجازه البلاغى ، معجز أيضا بزوال الاختلاف والتناقض ، على ما يقتضيه قوله تعالى (وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ
لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً) (النساء ـ ٨٢)
وأنه معجز أيضا بتضمنه الأخبار عن الغيوب.
وأن أحدّ ما يتبين
به شأن هذا الإعجاز ، أنه لا وجه يطعن به الملحدة وسائر من خالف فى نبوة الرسول صلىاللهعليهوسلم. إلا وهو غير قادح فى كونه معجزا .
وأخيرا ، هذا هو
قاضى القضاة ، المعتزلى ، عبد الجبار ، الهمدانى.
وأعتقد أنه بعد
هذا العرض لأعلام الاعتزال ، ورأيهم فى الإعجاز ، فما زال أمامنا أن نشير إلى
الخطوط العريضة المشتركة بينهم ، ثم حين نستعرض آراء المدرسة الأشعرية فى الإعجاز
سيئين لنا أن نعقد مقارنة بين المدرستين.
__________________