أبو على القول فى ذلك» ـ «أى ، فى بيان فساد ما يتعلقون به من التناقض فى القرآن» ـ فى نقض كتاب الدامغ وشفى الصدر رحمهالله بما أورده ، وقد نبهنا على الأصل فى ذلك ، ولو لا أن الكلام يطول لذكرنا بعضه (١).
وقد ذكر البلخى أن أبا على الجبائى اجتمع هو وابن الراوندى يوما على جسر بغداد فقال ابن الراوندى : يا أبا على ألا تسمع شيئا من معارضتى للقرآن وتقضى له ، فقال له أبو على : أنا أعلم بمخازى علومك وعلوم أهل دهرك ، ولكن أحاكمك إلى نفسك فهل تجد فى معارضتك له عذوبة وهشاشة وتشاكلا وتلازما ونظما كنظمه وحلاوة كحلاوته؟ قال : لا والله. قال الجبائى : قد كفيتنى. فانصرف حيث شئت (٢).
ونستطيع أن نعتبر هذا ـ مع بعض التجوز لقلة النصوص ـ رأيا لأبى الجبائى فى إعجاز القرآن. وهذه الرأى سنجده فى صورة أخرى عند ابنه أبى هاشم الجبائى ، ولكن فى عرض واضح ومعالجة صريحة. ولم ير أبو على فى الصرفة سرا من أسرار الإعجاز ، بينما مال إلى جانب النظم مثلما مال أبوه ومال تلميذهما القاضى عبد الجبار.
وفى كتاب (متشابه القرآن) للقاضى عبد الجبار ، نرى تقولا له عن كتاب التفسير لأبى على ـ فيها جوانب من علم الكلام الاعتزالى لا تدخل فى دائرتنا (٣) وكذا فى كتاب «شرح الأصول الخمسة» له ـ حيث يورد القاضى آراء كلامية
__________________
الديباج ، ومن تخايل أنه فى الجنة يلبس هذا الغليظ ويشرب الحليب والزنجبيل صار كعروس الأكراد والنبط» عبد الرحمن العباسى ـ معاهد التنصيص ١ / ٧٧. نقلا عن البلخى فى (محاسن خراسان) تنزه الله سبحانه وتعالى عما يقول الكافرون والملحدون وعلا علوا كبيرا. وكذا كتابه وكذا رسوله صلوات الله وسلامه عليه.
(١) القاضى عبد الجبار ـ إعجاز القرآن ـ ٣٩٠ ، ويقول فى ص ١٥٢ ، وهذا هو الذى ذكره شيخنا «أبو على» فى نقض (الامامة) لابن الراوندى.
(٢) عبد الرحيم العباسى ـ معاهد التنصيص ـ ١ / ٧٦ نقلا عن كتاب البلخى «محاسن خراسان».
(٣) انظر القاضى عبد الجبار ـ متشابه القرآن ـ ٣٦٠ ، ويتكلم فيها أبو على عن العدل الالهى ، ٤٣٨ وعن المعارف أنها ضرورية و ٥١١ وعن وسوسة الشيطان ، وكذا ص ٥٤٠ و ٥٤٤ و ٦٥٥.