والأُخرى : الترادف بين «غلوّ التشـيع» و«الرفض».
وقال الذهبي بترجمة «الدارقطني» «شيخ الإسلام» المتّهم بالتشيّع :
«جمهور الأُمّة على ترجيح عثمان على الإمام عليّ ، وإليه نذهب ، والخطب في ذلك يسير ، والأفضل منهما بلا شكّ أبو بكر وعمر ، من خالف في ذا فهو شيعي جلد ، ومن أبغض الشيخين واعتقد صحّة إمامتهما فهو رافضي مقيت ، ومن سبّهما واعتقد أنّهما ليسا بإمامَي هدىً فهو من غلاة الرافضة ، أبعدهم الله» (١).
إلاّ أنّه قال بترجمة «الفأفاء» «الإمام الفقيه» «الناصبي» في كلامٍ له :
«صار اليوم شيعة زماننا يكفّرون الصحابة ، ويبرؤون منهم جهلاً وعدواناً ، ويتعدّون إلى الصدّيق ...» (٢).
فتراه لا يصفهم بـ : «الغلوّ» ، ولا يسمّيهم بـ : «الرافضة» .. فيناقض نفسـه ، ولا يبقى فرق في العرف بين السلف والخلف.
ثمّ إنّ لهم في «التشـيع» اصطلاحات :
منها : «فيه تشيّع يسير» أو «خفيف» كقول الذهبي بترجمة «وكيع بن الجرّاح» ـ وهـو مـن رجال الصحاح السـتّة ـ بعـد نقل وصـف بعضهم إيّاه بـ : «الرفض» .. «والظاهر أنّ وكيعاً فيه تشيّع يسير لا يضرّ إن شاء الله!! فإنّه كوفي في الجملة ، وقد صـنّف كتاب فضائل الصحابة ، سمعناه ، قدّم فيه باب مناقب عليٍّ على مناقب عثمان» (٣).
فتقديم ذِكر مناقب عليٍّ على عثمان «تشيّع يسير» لكنّه «لا يضرّ إن
____________
(١) سير أعلام النبلاء ١٦ / ٤٥٨.
(٢) سير أعلام النبلاء ٥ / ٣٧٤.
(٣) سير أعلام النبلاء ٩ / ١٥٤.