من الأسرار ، ليكون ذلك بمثابة مقدمة للتأكيد على أنها منزّلة من الله على أساس الحق الذي لا ريب فيه ، لينطلق الإنسان مع القرآن المنزل من عند الله ، فيتابع آياته بما تشتمل عليه من دلالة على توحيد الله واليوم الآخر. فإن الانطلاق من موقع الحق ، في أيّ موقع ، يوحي بالكثير من الوضوع في الرؤية بطريقة أكثر اهتماما وتركيزا.
(وَالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُ) الذي لا يخالطه شك في ما يستوحيه الإنسان من إشراقات الحق ، ودلائل الإعجاز ، وأسرار الروح ، (وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يُؤْمِنُونَ) لأنهم لا يتدبرونه في عمق الفكر وامتداد الرؤية. فالإيمان لا يتعمّق في النفس والفكر ، باللمحات الخاطفة التي تخطر بالبال ، بل يحتاج إلى الدراسة العميقة والتفكير المنفتح والرؤية الواسعة الممتدّة التي تؤدي إلى القناعة والاطمئنان. وبهذا نعرف أن الإيمان يلتقي بالعلم ، من أقرب طريق ، وبالفكر من أوسع المجالات ، فلا مجال للإيمان بدون فكر يناقش القضايا ، ولا أساس للقناعة بدون علم يؤكّد الحقائق.
* * *