المسألة الثالثة عشرة من الأصل الأول
في بيان شروط العلم والإدراكات
ليس لوجود العلم والرؤية والسمع والإرادة والقدرة في الشيء عندنا شرط غير وجود الحياة في محله ويصح عندنا وجود الحياة في الجوهر الواحد وكل ما صح وجود الحياة فيه صح وجود العلم والقدرة والإرادة والإدراكات فيه. وإنما اختلف أصحابنا في كون الحياة شرطا في وجود الكلام فيما ليس بحي فاشترطها الأشعري فيه وأجاز القلانسي وجود الكلام لما ليس بحي ، واختلفت القدرية في هذا ، وأجاز الصالحي منهم وجود العلم والقدرة والإرادة والإدراكات في الميّت ، وأجازت الكرامية وجود العلم والإرادة والإدراكات في الأموات (١) [فلا يأمنون على هذا الأصل أن يكون جدران وكل موات علماء سامعة مبصرة مريدة معتقدة لمذاهب غير أنها لا تنطق ولا تقدر على فعل] ولم يجيزوا وجود القدرة إلا في حيّ واشترط أكثر المعتزلة في وجود الحياة في الشيء أن يكون ذا بنية مخصوصة أقل أجزائها ثمانية أو ستة أو أكثر على حسب اختلافهم في عدد أجزاء الجسم. وكذلك اشترطوا البنية في كل ما يكون الحياة شرطا في وجوده كالعلم والقدرة والإرادة والإدراك وزعموا أن الجملة الواحدة من الشاهد حي بحياة في جزء منه وقد علم هؤلاء أن الشّلل موت في بعض الأعضاء فيلزمهم أن يكون من له عضو أشلّ ، حيّا بحياة في بعضه وميتا بموت في بعضه [فإن استدلوا بانتفاء الحياة عند نقض البنية قوبل بأن ذلك منتف كانتفائها عند عدم الغذاء وإن صحت حياتها بلا غذاء على نقض العادة كذلك يصح حياة الجزء بلا بنية وإن جرت العادة بذهاب الحياة عند نقض البنية على أنّا نقول إن الحيّة تقطع إربا إربا ويكون كل جزء منها متحركا حركة الأحياء إلا أن يفصل موضع الحياة من رأسها ولو ردّت الجملة إلى أقل أجزاء الجسم عندهم لبطلت حياتها في العادة وإن صح كونها حية في المقدور كذلك القول في الجزء عندنا] وقلنا للكرّامية إذا أجزتم وجود العلم والإرادة وكل
__________________
(١) [فلا يأمنون على هذا الأصل ان يكون جدران وكل موات علماء سامعة مبصرة مريدة معتقدة لمذاهب غير انها لا تنطق ولا تقدر على فعل].