المسألة الحادية عشرة من هذا الأصل
في ترتيب أئمة الفقه من أهل السنة والجماعة
مضى فقهاء الصحابة رضي الله عنهم على مذهب أهل السنة والجماعة. والعشرة الذين شهد لهم النبي صلىاللهعليهوسلم بالجنة كانوا فقهاء. وأربعة من الصحابة تكلّم في جميع أبواب الفقه وهم : عليّ وزيد وابن عباس وابن مسعود. وهؤلاء الأربعة متى أجمعوا في مسألة على قول فالأمة فيها مجمعة على قولهم ، غير مبتدع لا يعتبر خلافه في الفقه. وكل مسألة اختلف فيها هؤلاء الأربعة فالأمة فيها مختلفة. وكل مسألة انفرد فيها عليّ بقول عن سائر الصحابة تبعه فيها ابن أبي ليلى والشعبيّ وعبيدة السلماني. وكل مسألة انفرد فيها زيد بقول اتّبعه مالك والشافعي في أكثره ويتبعه خارجة بن زيد لا محالة. وكل مسألة انفرد فيها ابن عباس بقول تبعه فيها عكرمة وطاوس وسعيد بن جبير. وكل مسألة انفرد فيها ابن مسعود بقول تبعه فيها علقمة والأسود وأبو ثور. ثم من بعد الصحابة الفقهاء السبعة من أهل المدينة وهم : سعيد بن المسيّب وعروة بن الزبير وخارجة بن زيد والقاسم بن محمد بن أبي بكر وسليمان بن يسار وعبيد الله بن عبد الله وعتبة بن مسعود وأبو بكر بن عبد الرحمن بن الحرب بن هشام. وقد عدّ مالك قول هؤلاء السبعة إجماعا إذا اجتمعوا على قول واحد. ومن بعدهم أئمة الأمة في الفقه مثل الأوزاعي ومالك والثوري والشافعي وأبي ثور وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه وداود صاحب الظاهر وتلامذة هؤلاء في الفقه على سمت الحديث. فأما الذين وافقوهم في أصول الكلام وخالفوهم في فروع الأحكام فأبو حنيفة وابن أبي ليلى ومن في طبقتهما من أهل الرأي. وأصل أبي حنيفة في الكلام كأصول أصحاب الحديث إلا في مسألتين إحداهما أنه قال في الإيمان إنه إقرار ومعرفة والثانية قوله بأن لله مائيّة لا يعرفها إلا هو ، كما ذهب إليه ضرار. وقد دمّر أبو حنيفة في كتابه الذي سماه بالفقه الأكبر على المعتزلة ونصر فيه قول أهل السنة في خلق الأفعال وفي أن الاستطاعة مع الفعل [مع الفعل إلا أنه يصلح للضدين وهذا قول بعض أصحابنا] وقال أبو يوسف في المعتزلة إنهم زنادقة وقال محمد بن الحسين : من صلّى