ولذلك كان عرضهم ماديا في مقابل تنازل النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم عن الدعوة ، وهذا ما رفضه النبي محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم في أكثر من مرّة معلنا لهم أن حركة رسالته تنطلق من إيمانه بالله وإخلاصه لدوره الرسالي في الدعوة في مواجهة كل حالات القهر والاضطهاد والتشويه والتهويل ، وهذا ما ينبغي للدعاة إلى الله أن يفهموه ويقتدوا به ويعيشوه في وعيهم للموقف والدور والتحدي الكبير.
ونستوحي من ذلك المنهج القرآني الاستقرائي الذي يوجّه الإنسان إلى متابعة الواقع في مظاهره السلبية من أجل الوصول إلى استنتاج صحيح في المسألة التاريخية الإنسانية في حساب المقدمات والنتائج ، مما يعني أن الإسلام يركز على الاستقراء الواقعي كوسيلة من وسائل المعرفة في كل القضايا التي يمكن للواقع الخارجي أن يكشف عنها ، وهذا مما يجعلنا نتبع ذلك في دراسة الظواهر المتحركة في المعرفة الاجتماعية والنفسية والتاريخية لنخرج بالقواعد الحاكمة للسلوك الإنساني كله ، فلا تبقى المعرفة أسيرة التأمّل العقلي المجرّد ، بل تتحرك في عملية التزاوج بين العقل والتجربة ، لأن ذلك هو الوسيلة الواقعية السليمة لحركة المعرفة لدى الإنسان.
* * *
السؤال أسلوب قرآني في إثارة الفكر
ويتابع القرآن في هذه السورة الحديث عن قصة الإيمان بالله ، فيبدأ حديثه بإثارة حالة التأمّل الذاتي التي تدفع الإنسان إلى اكتشاف ما في داخل أعماقه من أفكار وقناعات حول الإيمان ، ليستعيد بذلك جزءا من نفسه ضاع بين الأجواء اللاهية ، والأوضاع المنحرفة ، والضجيج الذي يشغله عن حياته ، فيستسلم لما يوحيه إليه الآخرون من دون وعي أو انتباه .. وذلك بأسلوب