قال ابن عباس ـ كما في مجمع البيان ـ : ما كنت أدري معنى الفاطر حتى احتكم إليّ أعرابيان في بئر ، قال أحدهما : أنا فطرتها ، أي : ابتدأت حفرها ، وأصل الفطر : الشق ، ومنه : (إِذَا السَّماءُ انْفَطَرَتْ) [الانفطار : ١] ، أي : انشقت ، قال الزجاج : فإن قال قائل : كيف يكون الفطر في معنى الخلق ، والانفطار في معنى الانشقاق؟ قيل : إنهما يرجعان إلى شيء واحد لأن معنى فطرهما خلقهما خلقا قاطعا (١). وقد يكون من الممكن التركيز على معنى الشقّ من خلال النظريات الحديثة التي تؤكد أن الكون والمنظومة الشمسية كانت لها كتلة واحدة انشطرت إثر الانفجارات المتتالية وتكونت المجرات والمنظومات والكرات ، وربما كان قوله تعالى : (أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ كانَتا رَتْقاً فَفَتَقْناهُما) [الأنبياء : ٣٠] دليلا على هذا المعنى ، ولكن المعنى الأول قد يكون أقرب.
(يُصْرَفْ) : يصرف الله عنه العذاب. والصرف ـ كما يقول الراغب ـ : «ردّ الشيء من حالة إلى حالة أو إبداله بغيره» (٢) والتعبير فيه إشارة إلى أن العذاب مشرف على الجميع ، ولا خلاص منه إلا برحمته تعالى.
(الْقاهِرُ) : الغالب المتسلّط المسيطر الذي يقهر غيره بالتفوّق والإحاطة على الإطلاق ولا يقهره أحد ، فهو تعالى قاهر على عباده ولكنه فوقهم ، وكلمة «فوق» توحي بالهيمنة والسيطرة .. وهذا ما لا تعطيه كلمة القاهر عباده ، وقال صاحب الميزان : إن كلمة القهر تستعمل حيث يكون المقهور كائنا عاقلا ، ولكن الغلبة أوسع منها ، وتشمل النصر على الكائنات غير العاقلة أيضا (٣).
* * *
__________________
(١) مجمع البيان ، ج : ٤ ، ص : ٣٥٠.
(٢) مفردات الراغب ، ص : ٢٨٧.
(٣) انظر : تفسير الميزان ، ج : ٧ ، ص : ٣٨.