النور والظلمة في تجاذبهما في الكون ومحو كل منهما في الآخر يمثلان مظهرين من مظاهر قدرة الله في النظام الذي أودعه في الكون ، فليست المسألة مسألة مصطلح الجعل بمعناه الإيجادي ، بل بمعناه الواقعي الكوني على مستوى مظهر الظلمة والنور في تعاقبهما في الوجود.
ثمّ قد يقال بأن هناك فرقا بين العدم الذي لا مظهر له والعدم الذي يمثل مظهرا في واقع الوجود ، فإن عدمية الظلمة بالنسبة إلى النور لا تمنع من كونه وجودا مؤثرا في صورة الوجود ، بحيث إنها مع النور يمثلان صورتين متضادتين في صورة الوجود لا شيئين متناقضين كما هو الوجود والعدم الذي هو بمعنى الخلق ، ولهذا صح الحديث عن جعلهما ؛ والله العالم.
(ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ) وينحرفون إلى غيره ، فيعبدونه من دون الله ، من دون علم ، ومن دون أساس ، بل هو العناد والعصبيّة والضلال البعيد.
* * *