(كرخ بغداد) لما بنى المنصور مدينته أمر أن يجعل الأسواق فى طاقات المدينة بإزاء كل باب سوقا ، فبقيت على ذلك مدة ، حتى قدم عليه بطريق من بطارقة الروم رسولا ، فأمر الربيع أن يطوف فى المدينة حتى ينظر إليها ويتأمّلها ، ويرى أسوارها وعمارتها ، وقباب الأبواب والطّاقات ، وجميع ذلك.
ففعل الربيع ذلك ، فلما رجع إلى المنصور قال له : كيف رأيت مدينتى؟ قال : رأيت بناء حسنا ، ومدينة حسنة ، إلّا أن أعداءك معك فيها. قال : ومن هم؟ قال : السوقة ، يوافى الجاسوس بعلّة التجارة من الأطراف فيتجسّس الأخبار ويعرف ما يريد وينصرف من غير أن يعلم به.
فسكت المنصور ، فلما انصرف البطريق أمر بإخراج الأسواق من المدينة ، وأمر أن يبنى بين الصراة ونهر عيسى سوق ، وأن يجعل صنوفا ويرتّب كل صنف موضعه ، فسميّت الكرخ بذلك.
وقيل : إنّ سبب نقلهم إنما كان لأن دخاخينهم (١) ارتفعت فسوّدت الحيطان ، فأمر بإخراجهم لذلك (٢).
(كرخ خوزستان) مدينة بها ، وأكثرهم يقول كرخة.
(كرخ سامرّا) كان يقال له : كرخ فيروز ، منسوب إلى فيروز بن بلاش (٣) بن قباذ الملك ، وهو أقدم من سامرّا ، فلما بنيت سامرّا اتصلت به ، وكان به الأتراك الشلبية ينزلونه ، فى أيام المعتصم ، وفيه قصر أشناس التركى ، وهو على جانب دجلة : مدينة قديمة على ارتفاع من الأرض.
قلت : وقد بقى منه دور باقية إلى الآن ، خالية من السكّان.
__________________
(١) فى ا : إنما كان دجاجهم.
(٢) قال محمد بن داود الأصبهانى :
يهيم بذكر الكرخ قلبى صبابة |
|
وما هو إلا حبّ من حلّ بالكرخ |
ولست أبالى بالردى بعد فقدهم |
|
وهل يجزع المذبوح من ألم السّلخ |
(٣) فى ا : بلاس.