فإنّه ـ وله الحمد والمجد ـ أقام علىٰ نبوّة نبيّنا ، وإمامة أئمّتنا من الأدلّة القاطعة ، والبراهين الساطعة ، والآيات ، والبيّنات ، والحجج البالغة المتظاهرة ما لا يتسنّىٰ جحوده ، ولا تتأتّىٰ المكابرة فيه ، ولات حين مناص .
فلو فُرض أنّ الله عزّ سلطانه سأل بني آدم ـ بعد تناصر تلك البيّنات ـ وأشهدهم علىٰ نبوّة نبيّنا وإمامة أوصيائه ، لَما وسعهم إلّا الإقرار لهم والشهادة بالحقّ طوعاً وكرهاً .
ألا ترىٰ البرّ والفاجر ، والمسلم والكافر ، والمؤمن والمنافق ، والناصب والمارق ، قد بخعوا لفضلهم ، وطأطأوا لشرفهم ، فسطروا الأساطير في مناقبهم ، وملأوا الطوامير من خصائصهم ، وتلك صحاح أعدائهم تشهد لهم بالحقّ الذي هم أهله ومعدنه ، ومأواه ومنتهاه (١) .
وتفصيل الكلام في هذا المقام لا تسعه هذه العجالة ، فاكتفِ الآن بهذه الإشارة ، فإنّك والحمد لله من الأحرار الأبرار ، من أهل البصائر الثاقبة .
ولعلّ الله يوفّقني للتفصيل في كتاب أفرده لأعلام النبوّة ودلائل الإمامة ؛ لنستقصي الكلام في هذا المقام ، وما توفيقي إلّا بالله .
* * *
__________________
(١) ٱنظر مثلاً : صحيح مسلم ٧ / ١١٩ ـ ١٢٤ ، مسند أحمد ١ / ٧٧ و ٩٩ و ١١٥ و ١١٨ و ٣٦٨ و ٣٣١ ، سنن ابن ماجة ١ / ٤٢ ـ ٤٤ ، سنن الترمذي ٥ / ٥٩٠ ـ ٦٠١ .