لفظه ومورده ، فقوله ليس بنص صريح في سماع خبر ، بل ربما قاله من دليل ضعيف ظنه دليلا وأخطأ فيه ، والخطأ جائز عليه ، وربما يتمسك الصحابي بدليل ضعيف وظاهر موهوم ولو قاله عن نص قاطع لصرح به.
السادسة : إن جميع ما يذكر لحجية قول الصحابي أخبار آحاد لا تقاوم الحجج القطعية الأخرى.
السابعة : إن (جعل) قول الصحابي حجة كقول رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وخبره (إثبات) أصل من أصول الأحكام ومداركه ، فلا يثبت إلا بقاطع كسائر الأصول.
الثامنة : حكى عن الشافعي في الجديد : أنه لا يقلد العالم صحابيا كما لا يقلد عالما آخر .. ونقل المزني عنه ذلك ، وأن العمل هو على الأدلة التي بها يجوز للصحابة الفتوى ، ثم قال : «وهو الصحيح المختار عندنا ، إذ كل ما دل على تحريم تقليد العالم للعالم كما سيأتي في كتاب الاجتهاد لا يفرق فيه بين الصحابي وغيره» (١) ، وذكر أن ما ورد من الثناء عليهم لا يوجب تقليدهم ، لا جوازا ولا وجوبا ، وإنه صلىاللهعليهوآلهوسلم قد أثنى أيضا على آحاد الصحابة كأبي بكر وعمر وعلي وزيد ومعاذ بن جبل وابن أم عبد ، مع إنهم لا يتميزون عن بقية الصحابة بجواز التقليد أو وجوبه.
التاسعة : حكى عن القاضي أنه لا يرجح أحد الدليلين المتعارضين بقول الصحابي ، لأنه لا ترجيح إلا بقوة الدليل ، ولا يقوى الدليل بمصير مجتهد إليه (٢) ، واستقرب احتمال مصير الصحابي إلى أحد القولين أو أحد الدليلين لمجرد الظن ، لا لاختصاصه بمشاهدة.
__________________
(١) المستصفى ٢ / ٤٥٨ ـ ٤٥٩.
(٢) المستصفى ٢ / ٤٦٥.