آمنوا) (١).
ولأجل تحصيل المفاد الصحيح للآيات ينبغي ذكر الآيتين اللاحقتين ، وهما : (ألم تر إلى الذين نافقوا يقولون لإخوانهم الذين كفروا من أهل الكتاب لئن أخرجتم لنخرجن معكم ولا نطيع فيكم أحدا أبدا وإن قوتلتم لننصرنكم والله يشهد إنهم لكاذبون * لئن أخرجوا لا يخرجون معهم ولئن قوتلوا لا ينصرونهم ولئن نصروهم ليولن الأدبار ثم لا ينصرون) (٢) ..
فترى أن سورة الحشر هنا كسورة التوبة المتقدمة ، فهي لا تقتصر في تقسيم من كان مع النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى الفئة الصالحة فحسب ، بل تنبه على ذكر الجماعة الطالحة ، وهم المنافقون ، وهو إبطال لدعوى التعميم في كل من صحب ولقي النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم.
كما أن السورة في الآيات المذكورة تحدد وتفسر «المهاجر» بأنه من توافر على قيود أربعة ، وهي :
الأول : الذي أخرج من دياره وأمواله.
الثاني : كون خروجه ابتغاء فضل الله ورضوانه ، كما قدمناه مرارا من أن الهجرة في الاستعمال القرآني هي في المعنى الخاص من الفعل العبادي في سبيل الله ، لا قصد الحطام الدنيوي.
الثالث : نصرة الله ورسوله ، وقدمنا أن كتب السير ملأى بمن كان يجبن في الحروب ومنازلة الأبطال في ساعة العسرة والشدائد ممن يقال
__________________
(١) الدر المنثور ٨ / ١٠٥ ـ و ١١٣ ـ ١١٤ ، تفسير الطبري ١٢ / ٤٣ ح ٣٣٨٨٨ ، تفسير الفخر الرازي ٢٩ / ٢٨٩ ، تفسير البغوي ٤ / ٢٩٢.
(٢) سورة الحشر ٥٩ : ١١ و ١٢.