(وَالْقَواعِدُ مِنَ النِّساءِ اللاَّتِي لا يَرْجُونَ نِكاحاً فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُناحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (٦٠) لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى حَرَجٌ وَلا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلا عَلى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوانِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَواتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَعْمامِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوالِكُمْ أَوْ بُيُوتِ خالاتِكُمْ أَوْ ما مَلَكْتُمْ مَفاتِحَهُ أَوْ صَدِيقِكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعاً أَوْ أَشْتاتاً فَإِذا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللهِ مُبارَكَةً طَيِّبَةً كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) (٦١)
____________________________________
أجانب ليسوا كسائر الأجانب بسبب اعتيادهم الدخول أى إذا بلغ الأطفال الأحرار الأجانب (فَلْيَسْتَأْذِنُوا) إذا أرادوا الدخول عليكم وقوله تعالى (كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) فى حين النصب على* أنه نعت لمصدر مؤكد للفعل السابق والموصول عبارة عمن قيل لهم لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا الآية ووصفهم بكونهم قبل هؤلاء باعتبار ذكرهم قبل ذكرهم لا باعتبار بلوغهم قبل بلوغهم كما قيل لما أن المقصود بالتشبيه بيان كيفية استئذان هؤلاء وزيادة إيضاحه ولا يتسنى ذلك إلا بتشبيهه باستئذان المعهودين عند السامع ولا ريب فى أن بلوغهم قبل بلوغ هؤلاء مما لا يخطر ببال أحد وإن كان الأمر كذلك فى الواقع وإنما المعهود المعروف ذكرهم قبل ذكرهم أى فليستأذنوا استئذانا كائنا مثل استئذان المذكورين قبلهم بأن يستأذنوا فى جميع الأوقات ويرجعوا إن قيل لهم ارجعوا حسبما فصل فيما سلف (كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آياتِهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) الكلام فيه كالذى سبق والتكرير للتأكيد والمبالغة* فى الأمر بالاستئذان وإضافة الآيات إلى ضمير الجلالة لتشريفها (وَالْقَواعِدُ مِنَ النِّساءِ) أى العجائز اللاتى قعدن عن الحيض والحمل (اللَّاتِي لا يَرْجُونَ نِكاحاً) أى لا يطمعن فيه لكبرهن (فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُناحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيابَهُنَّ) أى الثياب الظاهرة كالجلباب ونحوه والفاء فيه لأن اللام فى القواعد بمعنى اللاتى أو للوصف بها (غَيْرَ مُتَبَرِّجاتٍ بِزِينَةٍ) غير مظهرات لزينة مما أمر بإخفائه فى قوله تعالى (وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَ) وأصل التبرج التكلف فى إظهار ما يخفى من قولهم سفينة بارجة لاغطاء عليها والبرج سعة العين بحيث يرى بياضها محيطا بسوادها كله إلا أنه خص بكشف المرأة زينتها ومحاسنها للرجال (وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ) بترك الوضع (خَيْرٌ لَهُنَّ) من الوضع لبعده من التهمة (وَاللهُ سَمِيعٌ) مبالغ فى سمع جميع ما يسمع فيسمع ما يجرى بينهن وبين الرجال من المقاولة (عَلِيمٌ) فيعلم مقاصدهن وفيه من الترهيب ما لا يخفى (لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى حَرَجٌ وَلا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ) كانت هؤلاء الطوائف بتحرجون من المؤاكلة الأصحاء حذارا من استقذارهم إياهم وخوفا من تأذيهم بأفعالهم وأوضاعهم فإن الأعمى ربما سبقت يده إلى ما سبقت إليه عين أكيله وهو لا يشعر به والأعرج يتفسح فى مجلسه فيأخذ أكثر من موضعه فيضيق على جليسه