(وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ (٩٨) حَتَّى إِذا جاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (٩٩) لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً فِيما تَرَكْتُ كَلاَّ إِنَّها كَلِمَةٌ هُوَ قائِلُها وَمِنْ وَرائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ(١٠٠) فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنْسابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَساءَلُونَ) (١٠١)
____________________________________
دفع السيئة بالحسنة وأصل الهمز النخس ومنه مهماز الرائض شبه حثهم للناس على المعاصى بهمز الرائض الدواب على الإسراع أو الوثب والجمع للمرات أو لتنوع الوساوس أو لتعدد المضاف إليه (وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ) أمر صلىاللهعليهوسلم بأن يعوذ به تعالى من حضورهم بعد ما أمر بالعوذ من همزاتهم للمبالغة فى التحذير من ملابستهم وإعادة الفعل مع تكرير النداء لإظهار كمال الاعتناء بالمأمور به وعرض نهاية الابتهال فى الاستدعاء أى أعوذ بك من أن يحضرونى ويحوموا حولى فى حال من الأحوال وتخصيص حال الصلاة وقراءة القرآن كما روى عن ابن عباس رضى الله عنهما وحال حلول الأجل كما روى عن عكرمة رحمهالله لأنها أحرى الأحوال بالاستعاذة منها (حَتَّى إِذا جاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ) حتى هى التى يبتدأ بها الكلام دخلت على الجملة الشرطية وهى مع ذلك غاية لما قبلها متعلقة بيصفون وما بينهما اعتراض مؤكد للإغضاء بالاستعاذة به تعالى من الشياطين أن يزلوه صلىاللهعليهوسلم عن الحلم ويغروه على الانتقام لكن لا بمعنى أنه العامل فيه لفساد المعنى بل بمعنى أنه معمول لمحذوف يدل عليه ذلك وتعلقها بكاذبون فى غاية البعد لفظا ومعنى أى يستمرون على الوصف المذكور حتى إذا جاء أحدهم أى أحد كان الموت الذى لا مرد له وظهرت له أحوال الآخرة (قالَ) تحسرا على ما فرط فيه من الإيمان والطاعة (رَبِّ ارْجِعُونِ) أى ردنى إلى الدنيا والواو لتعظيم المخاطب وقيل لتكرير قوله ارجعنى كما قيل فى قفا نبك ونظائره (لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً فِيما تَرَكْتُ) أى فى الإيمان الذى تركته لم ينظمه فى سلك الرجاء كسائر الأعمال الصالحة بأن يقول لعلى أو من فأعمل الخ للإشعار بأنه أمر مقرر الوقوع غنى عن الإخبار بوقوعه قطعا فضلا عن كونه مرجو الوقوع أى لعلى أعمل فى الإيمان الذى آتى به البتة عملا صالحا وقيل فيما تركته من المال أو من الدنيا وعنه صلىاللهعليهوسلم إذا عاين المؤمن الملائكة قالوا أنرجعك إلى الدنيا فيقول إلى دار الهموم والأحزان بل قدوما إلى الله تبارك وتعالى وأما الكافر فيقول ارجعونى (كَلَّا) ردع عن طلب الرجعة واستبعاد لها (إِنَّها) أى قوله رب ارجعون الخ (كَلِمَةٌ هُوَ قائِلُها) لا محالة لتسلط الحسرة عليه (وَمِنْ وَرائِهِمْ) أى أمامهم والضمير لأحدهم والجمع باعتبار المعنى لأنه فى حكم كلهم كما أن الإفراد فى الضمائر الأول باعتبار اللفظ (بَرْزَخٌ) حائل بينهم وبين الرجعة (إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) يوم القيامة وهو إقناط كلى عن الرجعة إلى الدنيا لما علم أنه لا رجعة يوم البعث إلى الدنيا وإنما الرجعة يومئذ إلى الحياة الأخروية (فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ) لقيام الساعة وهى النفخة الثانية التى يقع عندها البعث والنشور وقيل المعنى فإذا نفخ