(ما قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (٧٤) اللهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ النَّاسِ إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (٧٥) يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (٧٦) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (٧٧)
____________________________________
على كل حال (وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبابُ شَيْئاً) بيان لعجزهم عن الامتناع عما يفعل يهم الذباب بعد بيان عجزهم عن خلقه أى إن يأخذ الذباب منهم شيئا (لا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ) مع غاية ضعفه ولقد جهلوا غاية التجهيل فى إشراكهم بالله القادر على جميع المقدورات المتفرد بإيجاد كافة الموجودات تماثيل هى أعجز الأشياء وبين ذلك بأنها لا تقدر على أقل الأحياء وأذلها ولو اتفقوا عليه بل لا تقوى على مقاومة هذا الأقل الأذل وتعجز عن ذبه عن نفسها واستنقاذ ما يختطفه منها قيل كانوا يطيبونها بالطيب والعسل ويغلقون عليها الأبواب فيدخل الذباب من الكوى فيأكله (ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ) أى عابد الصنم ومعبوده أو الذباب الطالب لما يسلبه من الصنم من الطيب والصنم المطلوب منه ذلك أو الصنم والذباب كأنه يطلبه ليستنقذ منه ما يسلبه ولو حققت وجدت الصنم أضعف من الذباب بدرجات وعابده أجهل من كل جاهل وأضل من كل ضال (ما قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ) أى ما عرفوه حق معرفته حيث أشركوا به وسموا باسمه ما هو أبعد الأشياء عنه مناسبة (إِنَّ اللهَ لَقَوِيٌّ) على خلق الممكنات بأسرها وإفناء الموجودات عن آخرها (عَزِيزٌ) غالب على جميع الأشياء وقد عرفت حال آلهتهم المقهورة لأذلها العجزة عن أقلها والجملة تعليل لما قبلها من نفى معرفتهم له تعالى (اللهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً) يتوسطون بينه تعالى وبين الأنبياء عليهمالسلام بالوحى (وَمِنَ النَّاسِ) وهم المختصون بالنفوس الزكية المؤيدون بالقوة القدسية المتعلقون بكلا العالمين الروحانى والجسمانى يتلقون من جانب ويلقون إلى جانب ولا يعوقهم التعلق بمصالح الخلق عن التبتل إلى جناب الحق فيدعونهم إليه تعالى بما أنزل عليهم ويعلمونهم شرائعه وأحكامه كأنه تعالى لما قرر وحدانيته فى الألوهية ونفى أن يشاركه فيها شىء من الأشياء بين أن له عبادا مصطفين للرسالة يتوسل بإجابتهم والاقتداء بهم إلى عبادته عزوجل وهو أعلى الدرجات وأقصى الغايات لمن عداه من الموجودات تقريرا للنبوة وتزييفا لقولهم لو شاء الله لأنزل ملائكة وقولهم ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى وقولهم الملائكة بنات الله وغير ذلك من الأباطيل (إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ) عليم بجميع المسموعات والمبصرات فلا يخفى عليه شىء من الأقوال والأفعال (يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ) لا إلى أحد غيره لا اشتراكا ولا استقلالا (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا) أى فى صلواتكم أمرهم بهما لما أنهم ما كانوا يفعلونهما أول الإسلام أوصلوا عبر عن الصلاة بهما لأنهما أعظم أركانها أو اخضعوا لله تعالى وخروا له سجدا