واحتجاجات الفقهاء المعاصرين.
ولم يكن هذا ليتسنى للشيخ ، لو لم يشبع الأخبار المروية في الفقه الإمامي بحثا وتمحيصا ، بعد أن حصرها ـ بجميع أقسامها وفروعها الكثيرة ـ بثلاثة أقسام لا رابع لها ، وهي :
١ ـ الأخبار المتواترة.
٢ ـ الأخبار المحتفة بالقرائن.
٣ ـ أخبار الآحاد.
وبما أن المتواتر لا نقاش في حجيته ، لكونها ذاتية ، وما كانت حجيته كذلك ، فهو في غنى عن التماس الأدلة على إثبات حجيته ، ولهذا ترى الشيخ قد اكتفى بالقول عن الأخبار المتواترة بأنها موجبة للعلم والعمل ، موليا عنايته بدراسة القسمين الآخرين ، مبينا في ذلك القرائن المحتفة بالخبر بقسميها ، وهما : ما دل منها على صحة الخبر في نفسه ، وما دل منها على صحة متضمنه مفصلا طرق الجمع بين أخبار الآحاد المتعارضة ، وطرق الترجيح أيضا ، وهذا الموقف العلمي النظري إزاء جميع الأخبار المروية عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وعن الأئمة عليهمالسلام ، قد بيناه مفصلا في ما تقدم من الحلقات السابقة.
وما نريد التأكيد عليه هنا ، هو أن موقفه العلمي النظري إزاء تلك الأخبار ـ وهو ما أسسه في مقدمة التهذيب وديباجة الاستبصار ، وأكده في كتابه : العدة في أصول الفقه ، لم يختلف عن موقفه العملي التطبيقي بشأن تلك الأخبار ، لأن ما مهده من سبل الجمع والترجيح وغير ذلك أولا ، سار عليه ثانيا ، ولم يشذ عنه ولو في مورد واحد ، ومن هنا لم يحصل بين الموقفين تهافت أو تناقض ، وإن حاول بعض الأشخاص أن يمسهما معا