إبليس ، والمعطي للنظرة هو الله تعالى» (١).
ويمكن المناقشة في الأمثلة التي استدل بها مخالفو الأعلم والمتأخرين ، فإن جملة (أكرمتك أمس طمعا غدا في معروفك) جملة مصنوعة غير متعارفة الاستعمال لدى أبناء اللغة ، والمعقول قولهم : (أكرمتك أمس طمعا في معروفك غدا) وحينئذ يتحد زمان (الطمع) مع زمان (الإكرام) وإنما يتأخر تحقق متعلق الطمع وهو (المعروف).
وأما جملة (جئتك حذر زيد) فإن المتبادر منها عرفا أن فاعل الحذر هو فاعل المجئ ، ولو صحت دعوى كون فاعل الحذر فيها هو زيد ، لزم من ذلك حصول لبس في فهم مراد المتكلم ، لتردده بين صدور الحذر من فاعل المجئ ، وبين صدوره من زيد.
وكذلك قول الإمام علي عليهالسلام ، فإن الله تعالى أعطى إبليس النظرة ليجعله مستحقا لأن يسخط عليه ، ففاعل السخطة هو معطي النظرة ، وأما إبليس فهو مستحق للسخطة ـ على حد تعبير الرضي ـ وليس فاعلا لها.
وعرفه ابن مالك (ت ٦٧٢ ه) بقوله : المفعول له «هو المصدر المعلل به حدث شاركه في الوقت ظاهرا أو مقدرا ، والفاعل تحقيقا أو تقديرا» (٢).
وقال السلسيلي في شرحه : «خرج عنه بقيد (المصدر) نحو : جئت لزيد ... وقوله : (المعلل به حدث) احتراز من نحو : قعدت جلوسا ... وقوله : (شاركه في الوقت ظاهرا) أي : ملفوظ به ، نحو : ضربت ابني
__________________
فأنظرني إلى يوم يبعثون). سورة الحجر ١٥ : ٣٦ ، سورة ص ٣٨ : ٧٩.
(١) شرح الرضي على الكافية ١ / ٥١١.
(٢) تسهيل الفوائد وتكميل المقاصد ، ابن مالك ، تحقيق محمد كامل بركات : ٩٠.