الخليفة إلى الرأي ، كلها مبررات وضعت لتصحيح فعل الخليفة ، وليس لها رصيد من الصحة ، ولا يخفى هذا على البصير!
لأن من يريد تعمير عجلة مثلا لا يحق له إبادتها بدعوى إرادة إصلاحها ، لأن الإصلاح يبتني على تعمير العجلة وإعدادها للعمل تارة أخرى لا أن يبيدها ..
ومثله قرار الحاكم لمن حكم عليه بالتعزير في المحاكم الشرعية ، فلا يصح قتله بدعوى إصلاحه ، فالتعزير قرر في الشرع لإصلاح الناس وتأديبهم ، ثم إعدادهم مرة أخرى لمواصلة السير إلى الله ، فلو قتل أحد شخصا بدعوى إصلاحه فلا يقبل منه هذا ، لأنها دعوى فارغة ..
فالقتل والحرق يعني الإبادة وحرمان الاستفادة ، وأما التثبت والإصلاح فهو الاستفادة ، وقد مر عليك كلام رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لمن سمعهم يتحدثون عنه ، ثم تركهم للحديث ، وقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم لهم : إني لم أرد ذلك ، إنما أردت من تعمد ذلك ، فتحدثنا.
فالخليفة وبعمله (الإحراق) وبقوله : «لا تحدثوا» كان يريد المنع المطلق للحديث ، لقوله : «فمن سألكم فقولوا بيننا وبينكم كتاب الله» ، ويؤيد هذا مواقفه الأخرى في تثبيت الرأي ، فالرأي لا يوافق التعبد بالنص وإن علل اللاحقون المنع والحرق باسم التثبت والتحري والاحتياط وما إلى ذلك ، حتى رأينا بعضهم ينكر تبرعا صدور هكذا نصوص عن الخليفة! لأنها لا تتلاءم مع مكانتهم ومواقفهم.
ثم إن اتحاد هذين الموقفين من الشيخين ، وتبنيهم لسياسة الرأي في الأحكام ، جعلتنا نشكك في نسبة أحاديث المنع إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، خصوصا بعدما ثبت لنا أنهما لم يستشهدا بمنع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم للحديث ،