ما رسمه من منهج في كراهية التدوين ، ودعوته إلى عدم التحديث ، ومنح مثل هذه الأفكار الشرعية في حياته ، وعلى لسان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم من بعده.
وأما السؤال الثالث ، فنجيب عنه في نقطتين :
الأولى : كيف ينقلب المؤتمن الثقة إلى غير موثوق ومؤتمن؟!
فلو قبلنا بوثاقة الناقل لقول الخليفة : «ائتمنته ووثقته» فهل يمكن أن نسقط مروياته عن الاعتبار ولا نأخذ بها بمجرد احتمال الكذب والسهو؟!
ألم يكن لازم هذا القول إنكار حجية خبر الثقة وعدم الاعتماد عليه ، لورود احتمال الكذب وعدم التثبت فيه؟!
ولو كان الخليفة يريد التثبت حقا ، لقال مثلما قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ لمن سمعهم يتحدثون ـ فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : ما تحدثون؟
فقالوا : ما سمعنا منك يا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم.
قال : تحدثوا وليتبوأ مقعده ـ من كذب علي ـ من جهنم.
ومضى لحاجته ، وسكت القوم ، فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : ما شأنهم لا يتحدثون؟!
قالوا : الذي سمعناه منك يا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم!
فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : إني لم أرد ذلك ، إنما أردت من تعمد ذلك.
فتحدثنا (١).
__________________
إلى مائة واثنان وأربعون ، قال الصديقي في شرح رياض الصالحين ٢ / ٢٣ : اتفق الشيخان على ستة أحاديث منها ، وانفرد البخاري بأحد عشر ، ومسلم بواحد.
(١) تقييد العلم : ٧٣.