وأنصاره كانوا وراء القول بمنع التدوين عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم!
وأما الشبهة الخامسة فنجيب عنها : بأن أحاديث العرض لا تخالف حجية السنة ، بل (القرآن والسنة) الواحد منها مكمل للآخر ، لاعتقادنا بعدم وجود تعارض بين كلام الرسول مع القرآن ، ولما عرفنا هذه الحقيقة فإننا نقول بحجيتهما معا وعدم جواز الاكتفاء بأحدهما عن الآخر.
وهذه الدعوى مغالطة مفضوحة ، لأن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أمر بعرض ما روي عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم على كتاب الله ، للتأكد من صدوره عنه أو عدم صدوره ، إذ من المجزوم به أن النبي لا يصدر عنه ما يخالف أوامر الله ونواهيه ، فإذا نسب له مثل ذلك علمنا بأنه من وضع القالة والكذابين وليس من كلامه.
فاتضح ـ إذا ـ أن العرض على الكتاب إنما هو أول ميزان لمعرفة الصدور عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وعدمه ، إذ مع فرض الصدور القطعي لا يبقى مجال للعرض ، بل إن أئمة التحقيق وأساطين العلم ـ إلا من شذ ـ ذهبوا إلى إمكان نسخ الكتاب بالسنة النبوية إذا كانت متواترة مقطوعة الصدور عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم.
هذا ، وقد كان الدكتور صدقي قد تابع الإمام محمد عبده ـ حسب نقل الشيخ أبو رية عنه ـ في قوله : إن المسلمين ليس لهم إمام في هذا العصر غير القرآن ، وإن الإسلام الصحيح هو ما كان عليه الصدر الأول قبل ظهور الفتن. وقال رحمهالله : لا يمكن لهذه الأمة أن تقوم ما دامت هذه الكتب فيها ـ يعني الكتب التي تدرس في الأزهر ، وأمثالها ، كما ذكره في الهامش ـ ولن تقوم إلا بالروح التي كانت في القرن الأول ، وهو القرآن وكل ما عداه فهو حجاب قائم بينه وبين العلم والعمل (١).
__________________
(١) أضواء على السنة
المحمدية : ٤٠٥ ـ ٤٠٦ ، وعنه في دراسات في الحديث