كان هذا كلام الإمام علي بن أبي طالب عليهالسلام في الأمر ، وقد صنف الأحاديث الموجودة بين الناس وأسباب اختلاف المسلمين في النقل عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وليس في ما قاله ما يعني وجهات النظر الاستنباطية المعمول بها عند الفقهاء ، بل كل ما فيه يرتبط بوجوه النقل عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وقدرة تلقي الصحابي عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وأهدافهم فيه ، فبعضهم لا يتحرج من الكذب على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم متعمدا ، والآخر لم يحمله على وجهه ووهم فيه ولم يتعمد كذبا ، وثالث قد سمع من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم شيئا أمر به ثم نهى عنه فلا يعرف الناسخ من المنسوخ ، ورابع جاء به كما سمع لم يزد فيه ولم ينقص ..
فيفهمنا هذا النص وغيره أن أبا بكر كان يعني اختلافهم في النقل عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لا اختلافهم في وجوه الاستنباط ، لقوله لهم : «فلا تحدثوا عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم شيئا» فمجئ «عن» في الجملة تؤكد ارتباطه بالنقل لا الاستنباط ، ولقوله في نص آخر علل به حرق مدونته : «خشيت أن أموت وهي عندي ، فيكون فيها أحاديث عن رجل قد ائتمنته ووثقت به ، ولم يكن كما حدثني» فجملة «حدثني» تعني النقل لا غير (١).
الرابعة : بعد هذا نتساءل عن المختلف فيه بين الصحابة : هل هو فيما يتعلق بالنصوص الصادرة بأمور الخلافة والإمامة فقط ، أم إنه أعم منها؟! لأننا نرى أن الخليفة نهى عن التحديث عموما بقوله : «لا تحدثوا عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم شيئا»!!
ذهب غالب كتاب الشيعة (٢) وبعض أهل السنة والجماعة إلى القول
__________________
(١) تذكرة الحفاظ ١ / ٢ ـ ٣.
(٢) أنظر : بحثنا بهذا الخصوص في كتابنا منع تدوين الحديث : ٥٧ ـ ٨٢.