قبل أبي جعفر المنصور ، وعمل للمهدي العباسي على مصر ، أو على بريد مصر ، وقد عرفت هذه الأسرة بالتشيع منذ الجد واضح الذي ضحى بحياته من أجل إنقاذ إدريس بن عبد الله بن الحسن بن الحسن عليهالسلام ، الذي نجا من وقعة فخ وفر إلى هناك ، فكان ذلك سببا في قتله من قبل الهادي ابن المنصور ، أو من قبل هارون الرشيد.
كانت ولادة اليعقوبي في بغداد ، وبها نشأ ، ثم رحل في مطلع شبابه إلى أرمينية ، وتنقل في بلدان كثيرة ، فألف كتاب البلدان ، وهو من الكتب المتقدمة في هذا الموضوع ، واطلع على ثقافات مختلفة بشكل مباشر إذ كان يجيد لغات متعددة كالفارسية والأرمنية والآذربيجانية ، بعد العربية.
ويعد اليعقوبي من المؤرخين الكبار ، ومن أول من صنف في التاريخ العالمي ، فجمع تاريخ الأمم إلى تاريخ الإسلام ، كما يعتبر أول من صنف في تاريخ الحضارات من خلال تركيزه الكبير على ثقافات الأمم وحركة العلوم المتنوعة فيها ، ذلك في الجزء الأول من تاريخه المعروف.
ولقد امتازت كتابته بالأسلوب العلمي والمنهج الواضح والمتين ، وهو أقرب ما يكون إلى المنهج الأكاديمي المعاصر.
أما كتابه الموسوم ب : مشاكلة الناس لزمانهم فهو كتاب سابق في بابه ، إذ عدت آراؤه فيه بوادر للفكرة الفلسفية للتاريخ.
ولقد نال اليعقوبي إعجاب أهل المعرفة بالتاريخ والمؤرخين ، وموقعا متقدما بين مؤرخي الإسلام ، كما تعرض من جانب آخر إلى طعون ، لكنها لا تخلو من تطرف وانحياز ظاهرين ، ذلك إنها تركزت حول تشيعه الذي يظهر ـ كما يرى خصومه ـ في ظاهرتين :